الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وكذا ) ( منفعة بدن الحر ) لا تضمن إلا بالتفويت ( في الأصح ) دون الفوات كأن حبسه ولو صغيرا لما سيأتي في السرقة أن الحر لا يدخل تحت اليد ، ولأنه لو حمله لمسبعة فأكله سبع لم يضمنه فمنافعه تفوت تحت يده ، فإن أكرهه على العمل لزمت أجرته ما لم يكن مرتدا ومات على ردته بناء على زوال ملكه بالردة أو وقفه ، ومنفعة المسجد والمدرسة والرباط كمنفعة الحر ، فلو وضع فيه متاعا وأغلقه ضمن أجرة جميعه تصرف لمصالحه ، وإن لم يغلقه ضمن أجرة موضع متاعه فقط وإن أبيح له وضعه أو لم يحصل به تضييق على المصلين أو كان مهجورا لا يصلي أحد فيه على ما اقتضاه إطلاقهم ، وكذا الشوارع ومنى ومزدلفة وعرفة وأرض وقفت لدفن الموتى كما في التتمة ، أما إغلاقه من غير وضع متاع به ومنع الناس من الصلاة فيه فلا ضمان عليه فيه لأنه لا تثبت عليه يد ، ومثله في ذلك البقية ، هذا . والأوجه تقييد ما ذكر في نحو المسجد بما إذا شغله بمتاع لا يعتاد الجالس فيه وضعه فيه ولا مصلحة للمسجد في وضعه فيه زمنا لمثله أجرة ، بخلاف متاع يحتاج نحو المصلي أو المعتكف لوضعه ، وفي نحو عرفة بما إذا شغله وقت احتياج الناس له في النسك بما لا يحتاج إليه ألبتة حتى ضيق على الناس وأضرهم به . ويؤخذ من كلام الغزالي في غرس الشجرة في نحو المسجد حيث منع منه لزمه أجرة مثلها أنه لا أجرة لما أبيح وضعه وأنه تلزم الأجرة لما لم يبح وضعه سواء في ذلك المسجد وعرفة وغيرهما ، ومقابل الأصح ضمانها بالفوات أيضا لأن منافعه تقوم في العقد الفاسد : أي في الإجارة فأشبهت منافع الأموال .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وكذا منفعة بدن الحر ) .

                                                                                                                            [ فرع ] من نقل حرا قهرا إلى مكان لزمته مؤنة رده إلى مكانه الأول إن كان له غرض في الرجوع إليه وإلا فلا ا هـ عباب ( قوله ومنفعة المسجد ) يؤخذ منه أنه لو لم يضع فيه شيئا وأغلقه لم تلزمه أجرة كما لو حبس الحر ولم يستعمله ا هـ سم على حج وسيأتي ذلك في قول الشارح أما إغلاقه من غيره إلخ ( قوله : وإن أبيح ) هي غاية ( قوله : وكذا الشوارع ) أي حكمها ما تقدم ( قوله : بما إذا شغله بمتاع لا يعتاد ) أفهم أن شغله بغير ذلك حرام ويجب فيه الأجرة ، ومنه ما اعتيد كثيرا من بيع الكتب بالجامع الأزهر فيحرم إن حصل به تضييق وتجب الأجرة إن شغله بها مدة تقابل بأجرة ( قوله : أنه لا أجرة لما أبيح وضعه ) شمل ذلك ما لو دخل بمتاع يبيعه في المسجد فوضعه فيه ولم [ ص: 172 ] يحصل به تضييق على المصلين فلا أجرة عليه لإباحة وضعه له حينئذ ، وقوله لما لم يبح وضعه إلخ يدخل فيه ما لو ضيق على المصلين فإنه يحرم وضعه فيه ، فإن وضعه مدة تقابل بأجرة لزمته وإلا فلا .

                                                                                                                            [ فائدة ] ذكر الرافعي في تاريخ قزوين ما هو صريح كما بينته ثم أيضا في جواز وضع مجاوري الجامع الأزهر خزائنهم لوضعه فيها من حيث الإقامة لتوقفها عليه دون التي يجعلونها لأمتعتهم التي يستغنون عنها ، وإطلاق بعض المتأخرين الجواز رددته عليهم ثم أيضا ا هـ حج . وقوله ولما يضطرون إلخ يعلم منه أنه لا يجوز وضعها لإجارتها ولو لمن يحتاج إليها ، وإن وقع ذلك لا يستحق الأجرة على الساكن لأنها موضوعة بغير حق .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : دون الفوات ) شمل ما لو كانت منافعه مستحقة للغير بنحو إجارة أو وصية بها قبل عتقه وتوقف فيه الأذرعي ( قوله : كأن حبسه ) هو مثال للفوات ، ومثال التفويت يأتي في قوله فإن أكرهه إلخ . ( قوله : وكذا الشوارع إلخ ) وتصرف الأجرة في مصالح المسلمين كما صرح به في التحفة ( قوله : حيث منع منه لزمه أجرة مثلها ) هو بدل من كلام في قوله ويؤخذ من كلام الغزالي وقوله : أنه لا أجرة هو المأخوذ .




                                                                                                                            الخدمات العلمية