الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
تنبيه : ظاهر قوله ( وللولي أن يأكل من مال المولى عليه ) ولو لم يقدره الحاكم . وهو صحيح . وهو المذهب . وعليه أكثر الأصحاب بشرطه الآتي . وقال في الإيضاح : يأكل إذا قدره الحاكم وإلا فلا .

تنبيه آخر :

ظاهر قوله ( ويأكل بقدر عمله ) . جواز أكله بقدر عمله ، ولو كان فوق كفايته . وعلى ذلك شرح ابن منجى . وهو ظاهر كلامه في الهداية ، والمذهب . والصحيح من المذهب : أنه لا يأكل إلا الأقل من أجرة مثله ، أو قدر كفايته . جزم به في الخلاصة ، والمغني ، والمحرر ، والشرح ، والرعايتين ، والحاويين ، والفروع ، والفائق ، وغيرهم من الأصحاب . قلت : ويمكن أن يقال : هذا الظاهر مردود بقوله ( إذا احتاج إليه ) لأنه إذا أخذ قدر عمله ، وكان أكثر من كفايته : لم يكن محتاجا إلى الفاضل عن كفايته فلم يجز له أخذه . وهو واضح . [ ص: 339 ] أو يقال : هل الاعتبار بحالة الأخذ ؟ ويحتمله كلام المصنف . أو حيث استغنى امتنع الأخذ ؟ قوله ( إذا احتاج إليه ) الصحيح من المذهب : أنه لا يأكل من مال المولى عليه إلا مع فقره وحاجته . وعليه جماهير الأصحاب . وقطع به كثير منهم . قال في الوجيز : ويأكل الفقير من مال موليه الأقل من كفايته أو أجرته مجانا ، إن شغله عن كسب ما يقوم بكفايته . وكذا قال غيره من الأصحاب . وقال ابن عقيل : يأكل وإن كان غنيا ، قياسا على العامل في الزكاة . وقال : الآية محمولة على الاستحباب . وحكاه رواية عن الإمام أحمد رحمه الله . وقال ابن رزين : يأكل فقير ومن يمنعه من معاشه بالمعروف .

تنبيه :

محل ذلك في غير الأب . فأما الأب : فيجوز له الأكل مع الحاجة وعدمها في الحكم . ولا يلزمه عوضه . على ما يأتي في باب الهبة . قال القاضي : ليس له الأكل لأجل عمله ، لغناه عنه بالنفقة الواجبة في ماله . ولكن له الأكل بجهة التملك عندنا . وضعف ذلك الشيخ تقي الدين رحمه الله . ومحل الخلاف أيضا : إذا لم يفرض له الحاكم . فإن فرض له الحاكم شيئا : جاز له أخذه مجانا مع غناه بغير خلاف . قاله في القاعدة الحادية والسبعين . وقال : هذا ظاهر كلام القاضي . ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله في رواية البزراطي في الأم الحاضنة قوله ( وهل يلزمه عوض ذلك إذا أيسر ؟ على روايتين ) وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، وشرح ابن منجى ، والمحرر ، والفائق والقواعد الفقهية . [ ص: 340 ]

إحداهما : لا يلزمه عوضه إذا أيسر . وهو الصحيح من المذهب . وقال في الفروع : ولا يلزمه عوضه بيساره . على الأصح . وصححه المصنف والشارح ، وصاحب التصحيح . واختاره ابن عبدوس في تذكرته . وجزم به في الوجيز . وقدمه في الرعايتين ، والحاويين ، والرواية الثانية : يلزمه عوضه إذا أيسر . قال في الخلاصة : ويلزمه عوضه إذا أيسر على الأصح .

التالي السابق


الخدمات العلمية