الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في العمرى والرقبى قلت : أرأيت العمرى أيعرفها مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قال مالك : من أعمر رجلا حياته فمات المعمور رجعت إلى الذي أعمرها .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : الناس عند شروطهم .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن أعمر عبدا أو دابة أو ثوبا أو شيئا من العروض ؟

                                                                                                                                                                                      قال : أما الدواب والحيوان . كلها والرقيق ، فتلك التي سمعنا فيها العمرى . قال : وأما الثياب فلم أسمع فيها شيئا ، ولكنها عندي على ما أعاره عليها .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت الرقبى هل يعرفها مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : سأله بعض أصحابنا ولم أسمعه أنا منه عن الرقبى فقال : لا أعرفها . ففسرت له فقال : لا خير فيها .

                                                                                                                                                                                      قلت : وكيف سألوه عن الوقت ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قالوا له : الرجلان تكون بينهما الدار [ ص: 452 ] فيحبسانها على أيهما مات فنصيبه للحي حبسا عليه قال : فقال لهم مالك : لا خير فيه . يزيد بن محمد عن إسماعيل ابن علية عن ابن أبي يحيى عن طاوس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا رقبى ومن أرقب شيئا فهو لورثة المرقب } قال ابن القاسم : وسألناه عن العبد يحبسانه جميعا على أنه حر بعد آخرهما موتا ، على أن أولهما موتا نصيبه من العبد يخدم الحي حبسا عليه إلى موت صاحبه ثم هو حر ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : لا خير في هذا .

                                                                                                                                                                                      قلت : هل ترى العتق قد لزمهما ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : العتق لازم لهما . ومن مات منهما أولا فنصيبه من العبد يخدم ورثته ، فإذا مات الآخر منهما خرج العبد حرا ، وإنما يخرج نصيب كل واحد منهما من ثلثه .

                                                                                                                                                                                      قلت : لم جعلتم نصيب كل واحد منهما من ثلثه ، أليس هذا عتقا إلى أجل حين قال : إذا مات فلان فنصيبي من هذا العبد حر ، أليس هذا فارغا من رأس المال في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : إنه لم يقل كذلك . إنما قال : كل واحد منهما إذا أنا مت فنصيبي يخدم فلانا حياته ثم هو حر ، فإنما هو كرجل أوصى إذا مات أن يخدم عبده فلانا حياته ثم هو حر فهذا من الثلث ، ولو كان قال : إنما هو حر إلى موت فلان ، لعتق على الحي منهما نصيبه حين مات صاحبه من رأس المال . أو لا ترى أن أحدهما إذا مات فنصيب الحي الذي كان حبسا على صاحبه ، تسقط الوصية فيه ويصير نصيبه مدبرا يعتق بعد موته قال : وإذا مات الأول أيضا سقطت وصيته بالخدمة لصاحبه لأنها كانت من وجه الخطر .

                                                                                                                                                                                      قلت : وهذا قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال نعم يشبه قوله وهذا رأيي كله

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية