الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
6142 - (قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم) (حم ق ت ن هـ) عن ابن عمر وعن أبي بكر- (صح) .

التالي السابق


(قل اللهم إني ظلمت نفسي) بارتكابي ما يوجب العقوبة (ظلما كثيرا) بالمثلثة في معظم الروايات وفي رواية بموحدة قال في الأذكار: فينبغي الجمع بينهما فيقال ظلما كثيرا كبيرا احتياطا للتعبد ومحافظة على لفظ الوارد (وإنه) ؛ أي: الشأن (لا يغفر الذنوب إلا أنت) ؛ لأنك الرب المالك ولا حيلة لي في دفعها وهو اعتراف بالوحدانية وعظمته الربوبية واستجلاب للمغفرة (فاغفر لي مغفرة) نكره للتعظيم؛ أي: عظمة لا يدرك كنهها وزاد (من عندك) ؛ لأن الذي من عنده لا يحيط به وصف واصف ولا يحصيه عد عاد مع ما فيه من الإشارة إلى أنه طلب أنها تكون له تفضلا من عنده تعالى لا بعمل منه (وارحمني) تفضل علي وأحسن إلي وزدني إحسانا على المغفرة (إنك) بالكسر على الاستئناف البياني المشعر بالتعليل (أنت الغفور الرحيم) كل من الوصفين للمبالغة وقابل اغفر بالغفور وارحم بالرحيم، فالأول راجع إلى اغفر لي، والثاني إلى ارحمني فهو لف ونشر مرتب، فهذا عبد اعترف بالظلم ثم التجأ إليه مضطرا لا يجد لذنبه ساترا غيره ثم سأله المغفرة وقال بعض المحققين: وقال من عندك مع أن الكل منه وإليه؛ إشارة إلى أنه يطلب من خزائنه ما خزنه عن العامة، ولله رحمة تعم الخلق وله رحمة تخص الخواص وهي المطلوبة هنا وقد استدل بهللدعاء في آخر الصلاة، قال في الأذكار: وهو صحيح فإن قوله الآتي في صلاتي يعم جميعها اهـ. وفيه رد على شيخ الإسلام زكريا أن قوله في صلاتي المراد به المحل اللائق بالدعاء وفيه منها وهو السجود وبعد التشهد الأخير فقط، وفيه مشروعية طلب تعليم العلم من العلماء وإجابة العالم للمتعلم سؤاله، والمراد بالنفس هنا بالذات المشتملة على الروح كما في قوله تعالى أن النفس بالنفس وإن اختلف العلماء في أن حقيقة النفس هي الروح أو غيرها حتى قيل إن فيها ألف قول، والغفر الستر، والمعنى أن الداعي طلب منه تعالى أن يجعل له ساترا بينه وبين الذنوب إن لم تكن وقعت وساترا بينه وبين ما يترتب عليها من العقاب والعتاب إن كانت وقعت ولا يخفى حسن ترتيب هذا الحديث حيث قدم الاعتراف بالذنب ثم بالوحدانية ثم بسؤال المغفرة؛ لأن الاعتراف بذلك أقرب إلى العفو، والثناء على السيد بما هو أهله أرجى لقبول سؤاله

(حم ق ت ن هـ عن ابن عمر ) بن الخطاب (وعن أبي بكر) الصديق رضي الله تعالى عنهما، قلت: يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي فذكره، وفيه رد على من منع الدعاء في المكتوبة بغير القرآن كالنخعي



الخدمات العلمية