الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
615 - " إذا ذكر أصحابي؛ فأمسكوا؛ وإذا ذكرت النجوم؛ فأمسكوا؛ وإذا ذكر القدر؛ فأمسكوا " ؛ (طب)؛ عن ابن مسعود ؛ (عد)؛ عن ابن مسعود ؛ وثوبان؛ (عد)؛ عن عمر ؛ (ح).

التالي السابق


(إذا ذكر أصحابي) ؛ بما شجر بينهم من الحروب والمنازعات؛ (فأمسكوا) ؛ وجوبا؛ عن الطعن فيهم؛ والخوض في ذكرهم بما لا يليق؛ فإنهم خير الأمة وخير القرون؛ ولما جرى بينهم محامل؛ (وإذا ذكرت النجوم) ؛ أي: أحكامها؛ ودلالتها؛ وتأثيراتها؛ (فأمسكوا) ؛ عن الخوض فيها؛ لما مر؛ (وإذا ذكر القدر) ؛ بالفتح؛ وبالسكون؛ ما يقدره الله (تعالى) من القضاء؛ وبالفتح اسم لما صدر مقدورا عن فعل القادر؛ كـ " الهدم" ؛ لما صدر من فعل الهادم؛ ذكره الطيبي؛ قال القاضي: بالتحريك: تعلق الأشياء بالإرادة في أوقاتها الخاصة؛ (فأمسكوا) ؛ عن محاورة أهله؛ ومقاولتهم؛ لما في الخوض في الثلاثة من المفاسد التي لا تحصى؛ كما مر؛ قال البغوي : " القدر" ؛ سر الله؛ لم يطلع عليه ملكا مقربا؛ ولا نبيا مرسلا؛ لا يجوز الخوض فيه؛ والبحث عنه من طريق [ ص: 348 ] العقل؛ بل يعتقد أنه (تعالى) خلق الخلق؛ فجعلهم فريقين: أهل يمين؛ خلقهم للنعيم؛ فضلا؛ وأهل شمال؛ خلقهم للجحيم؛ عدلا؛ قال (تعالى): ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس ؛ وسأل عليا - كرم الله وجهه - رجل؛ فقال: يا أمير المؤمنين ؛ أخبرني عن القدر؛ قال: " طريق مظلم؛ لا تسلكه" ؛ فأعاد السؤال؛ فقال: " بحر عميق؛ لا تلجه" ؛ فأعاد؛ فقال: " سر الله؛ قد خفي عليك؛ فلا تفشه" ؛ فأمر المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بالإمساك عن الخوض فيه؛ لأن من يبحث فيه لا يأمن أن يصير قدريا؛ أو جبريا؛ ولذلك شدد فيه غاية التشديد؛ فقال في حديث الترمذي : " عزمت - أي: أقسمت - عليكم ألا تتنازعوا فيه؛ إنما هلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر" ؛ فأشار إلى أن من تكلم من الأمم الماضية فيه عجل الله إهلاكهم.

(تنبيه) : قال بعض العارفين: دخل ابن قانع على بلال بن أبي بردة في يوم حار؛ وهو في روضة؛ وعنده الثلج؛ فقال بلال : كيف ترى بيتنا هذا؟ قال: إنه لطيب؛ والجنة أطيب منه؛ وذكر النار يلهي عنه؛ قال: ما تقول في القدر؟ قال: جيرانك أهل القبور تفكر فيهم؛ فإن فيهم شغلا عنه؛ قال: ادع لي؛ قال: ما تصنع بدعائي وببابك جمع؛ كل منهم يقول: إنك ظلمته؛ يرتفع دعاؤهم قبل دعائي؟! لا تظلم؛ فلا تحتاج لدعائي.

(طب؛ عن ابن مسعود ؛ وعن ثوبان ) ؛ الهاشمي؛ مولى المصطفى - صلى الله عليه وسلم -؛ (عد؛ عن عمر ) ؛ قال الحافظ العراقي : في سنده ضعف؛ وقال الهيتمي: فيه يزيد بن ربيعة؛ ضعيف؛ وقال ابن رجب: روي من وجوه في أسانيدها كلها مقال؛ وبه يعرف ما في رمز المؤلف لحسنه؛ تبعا لابن صصرى؛ ولعله اعتضد.



الخدمات العلمية