الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                1421 1422 ص: حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال: حدثنا عفان بن مسلم ، قال: ثنا همام ، وأبو عوانة ، وأبان ، عن قتادة ، عن يونس بن جبير ، عن حطان بن عبد الله ، عن أبي موسى الأشعري ، - رضي الله عنه - قال: " علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة فقال: إذا كبر الإمام فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد، يسمع الله لكم، فإن الله قال على لسان نبيه: سمع الله لمن حمده". .

                                                حدثنا أبو بكرة وابن مرزوق جميعا، قالا: ثنا سعيد بن عامر، قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ... فذكر بإسناده مثله.

                                                [ ص: 286 ]

                                                التالي السابق


                                                [ ص: 286 ] ش: هذان إسنادان صحيحان، ذكرهما الطحاوي بعينهما في باب: الخفض في الصلاة هل فيه تكبير؟ غير أنه اقتصر هناك في متن الإسناد الأول على قوله: "إذا كبر الإمام وسجد فكبروا واسجدوا" وزاد هنا البقية، مع زيادته في نفس الإسناد: أبا عوانة الوضاح اليشكري وأبان بن يزيد العطار، وكذا زاد ها هنا في نفس الإسناد الثاني: أبا بكرة بكارا القاضي، وقد ذكرنا هناك أن هذا الحديث أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه مطولا ومختصرا .

                                                قوله: "يسمع الله لكم" أي يستجيب لكم، كما يقال: السلطان سمع كلام فلان، أي أجاب إلى كلامه.

                                                ويستفاد منه أحكام:

                                                الأول: استدل به أبو حنيفة على أن المقتدي يكبر مقارنا لتكبير الإمام لا يتقدم ولا يتأخر; لقوله إذا كبر الإمام فكبروا; لأن "الفاء" للحال، وقال أبو يوسف ومحمد: والأفضل أن يكبر بعد فراغ الإمام من التكبير; لأن "الفاء" للتعقيب، وإن كبر مع الإمام أجزأه عند محمد -رواية واحدة- وقد أساء، وكذلك في أصح الروايتين عن أبي يوسف، وفي رواية: لا يصير شارعا، ثم ينبغي أن يكون اقترانهما في التكبير على قوله كاقتران حركة الخاتم والإصبع، والبعدية على قولهما أن يوصل "ألف" الله بـ"راء" أكبر.

                                                وقال شيخ الإسلام جواهر زاده: قول أبي حنيفة أدق وأجود وقولهما أرفق وأحوط.

                                                ثم قيل: الخلاف في الجواز، والفتوى أنه في الأفضلية، وقول الشافعي كقولهما، وقال الماوردي: إن شرع في تكبير الإحرام قبل فراغ الإمام منها لم تنعقد صلاته، [ ص: 287 ] ويركع بعد شروع الإمام في الركوع، فإن قارنه أو سابقه فقد أساء، ولا تبطل صلاته، فإن سلم قبل إمامه بطلت صلاته إلا أن ينوي المفارقة ففيه خلاف مشهور.

                                                الثاني: أن "الفاء" في قوله: "فاركعوا" وفي قوله: "فاسجدوا" تدل على التعقيب وتدل على أن المقتدي لا يجوز له أن يسبق الإمام بالركوع والسجود، حتى إذا سبقه فيهما ولم يلحقه الإمام فسدت صلاته.

                                                الثالث: فيه فرضية التكبير -أعني تكبيرة الافتتاح- وفرضية الركوع والسجود بقوله: "فكبروا"، "فاركعوا"، "فاسجدوا" لأنها أوامر تدل على الوجوب.

                                                فإن قيل: هلا توجب التحميد لقوله: "فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد" وهو أيضا أمر، وما الفرق بين الأمرين؟

                                                قلت: قامت قرينة على عدم الوجوب ها هنا، وهي أن النبي - عليه السلام - لما علم الأعرابي أركان الصلاة لم يأمره أن يقول: ربنا لك الحمد، ولا سمع الله لمن حمده، فدل ذلك على أنهما من سنن الصلاة.

                                                الرابع: فيه أن الإمام يكتفي بالتسميع، وبه قال أبو حنيفة على ما يجيء عن قريب إن شاء الله تعالى.




                                                الخدمات العلمية