الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الورد الرابع : يدخل بمضي النصف الأول من الليل إلى أن يبقى من الليل سدسه وعند ذلك يقوم العبد للتهجد فاسم التهجد يختص بما بعد الهجود والهجوع ، وهو النوم وهذا وسط الليل ويشبه الورد الذي بعد الزوال وهو وسط النهار وبه أقسم الله تعالى فقال والليل إذا سجى أي : إذا سكن وسكونه هدوه في هذا الوقت ، فلا تبقى عين إلا نائمة سوى الحي القيوم ، الذي لا تأخذه سنة ولا نوم وقيل : إذا سجى : إذا امتد وطال ، وقيل : إذا أظلم وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أي الليل أسمع ؟ فقال : جوف الليل " وقال داود صلى الله عليه وسلم : " إلهي إني أحب أن أتعبد لك ، فأي وقت أفضل ؟ فأوحى الله تعالى إليه : يا داود لا تقم أول الليل ولا آخره فإن ؛ من قام أوله نام آخره ، ومن قام آخره لم يقم أوله ، ولكن قم وسط الليل ؛ حتى تخلو بي وأخلو بك ، وارفع إلي حوائجك .

" وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أي الليل أفضل ؟ فقال : نصف الليل الغابر " يعني : الباقي

التالي السابق


( الورد الرابع: يدخل بمضي النصف الأول من الليل) ويتجاوز النصف قليلا ( إلى أن يبقى من الليل سدسه وعند ذلك يقوم العبد للتهجد) أي: لصلاته ( فاسم التهجد يختص بما بعد الهجود والهجوع، وهو النوم) قال الله تعالى: فتهجد به نافلة لك ولا يكون التهجد إلا بعد النوم، وتلك النومة هي الهجوع التي قللها الله تعالى من القائمين آناء الليل، فقال تعالى: كانوا قليلا من الليل ما يهجعون والهجوع النوم، والتهجد القيام، والمعنى: إزالة الهجود، وقيل: التهجد من الأضداد، يطلق على النوم بالليل وعلى الصلاة فيه بعد النوم، وكذلك هجد هجودا: نام بالليل وأيضا صلى بالليل .

( وهذا أوسط الليل) ولفظ القوت: وهذا يكون نصف الليل ( ويشبه هذا) الورد ( الورد) الأوسط ( الذي بعد الزوال وهو وسط النهار) وهو أفضل الأوراد وأمتعها لأهلها ( وبه أقسم الله تعالى) في كتابه العزيز فقال: ( والليل إذا سجى ) .

[ ص: 164 ] قيل ( أي: إذا سكن) بالناس، رواه ابن جرير، وابن المنذر، عن قتادة، وسكونه ( هدوه في هذا الوقت، فلا تبقى عين إلا نائمة سوى الحي القيوم، الذي لا تأخذه سنة ولا نوم) ولفظ القوت: وسكونه هدوه، وسنة كل عين فيه وغفلتها إلا عين الله سبحانه؛ فإنه الحي القيوم، الذي لا تأخذه سنة ولا نوم .

( وقيل: إذا سجى: إذا امتد وطال، وقيل: إذا أظلم) نقلها صاحب القوت، وقيل: "إذا سجى: إذا أقبل" رواه ابن جرير، عن ابن عباس، زاد سعيد بن جبير: "فغطى كل شيء" رواه عبد بن حميد. وقيل: "إذا لبس الناس" رواه عبد الرزاق، عن الحسن. وقيل: "إذا استوى" رواه الفريابي، عن مجاهد. وقيل: "إذا ذهب" رواه ابن أبي المنذر، عن ابن عباس .

( وسئل النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أي الليل أسمع؟ فقال: جوف الليل" ) رواه أبو داود، والترمذي وصححه، من حديث عمرو بن عنبسة.

قلت: ورواه محمد بن نصر بلفظ: "صلاة الليل مثنى مثنى، وجوف الليل أوجبه دعوة" رواه أحمد أيضا، وفيه أبو بكر بن أبي مريم: ضعيف .

( وقال داود -عليه السلام-: "إلهي إني أحب أن أتعبد لك، فأي وقت أفضل؟ فأوحى الله -عز وجل- إليه: يا داود لا تقم أول الليل ولا آخره؛ فإنه من قام أوله نام آخره، ومن قام آخره لم يقم أوله، ولكن قم وسط الليل؛ حتى تخلو بي وأخلو بك، وارفع إلي حوائجك") نقله صاحب القوت، وقال: روينا في أخبار داود -عليه السلام- فساقه .

( وسئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أي الليل أفضل؟ فقال: نصف الليل الغابر") رواه أحمد، وابن حبان، من حديث أبي ذر دون قوله: "الغابر" وهي في بعض حديث عمرو بن عنبسة، وقوله ( يعني: الباقي) تفسير لقوله: الغابر، فإن الغابر من الأضداد، يطلق على الماضي وعلى الباقي .




الخدمات العلمية