الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : وإنما نبيع أولاد المشركين من المشركين بعد موت أمهاتهم إلا أن يبلغوا فيصفوا الإسلام ( قال المزني - رحمه الله - ) ومن قوله : إذا سبي الطفل وليس معه أبواه ولا أحدهما أنه مسلم ، وإذا سبي ومعه أحدهما فعلى دينهما ، فمعنى هذه المسألة في قوله أن يكون سبي الأطفال مع أمهاتهم فيثبت في الإسلام حكم [ ص: 246 ] أمهاتهم ولا يوجب إسلامهم موت أمهاتهم " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : ومقدمة هذه المسألة أن المسبى من أولاد المشركين لا يخلو حال سبيه ، أن يكون مع أحد أبويه أو مفردا ، فإن سبي مع أحد أبويه كان حكمه بعد السبي كحكم المسبى مع أبويه ، فإن أسلم أبواه أو أحدهما كان إسلاما له ولصغار أولادهما ، سواء اجتمع الأبوان على الإسلام أو أسلم أحدهما ، وسواء كان المسلم منهما أباه أو أمه ، ولا اعتبار بحكم السابي ، وإن لم يسلم واحد من أبويه كان مشركا بشركهما ، ولا يصير مسلما بإسلام سابيه ، ولأن اعتباره بأحد أبويه أولى من اعتبار سابيه لأجل البعضية ، وبه قال أبو حنيفة .

                                                                                                                                            وقال الأوزاعي : يصير مسلما بإسلام السابي وإن كان مع أحد أبويه ، وهذا خطأ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه . وقال مالك : يصير الولد مسلما بإسلام أبيه ، ولا يصير مسلما بإسلام أمه ، ويكون في الدين تابعا لسابيه دون أمه ، وهذا غير صحيح ، لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ، فاعتبر حكمه بأبويه دون سابيه .

                                                                                                                                            والثاني : أنه من أمه يقينا ، ومن أبيه ظنا ، فلما صار معتبرا بأبيه فأولى أن يصير معتبرا بأمه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية