الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( والذين كفروا بعضهم أولياء بعض ) وقرأت فرقة : أولى ببعض . قال ابن عطية : هذا الجمع الموارثة والمعاونة والنصرة ، وقال الزمخشري : ظاهره إثبات الموالاة بينهم ، كقوله تعالى في المسلمين ‏ ( ‏ أولئك بعضهم أولياء بعض ‏ ) ومعناه ‏ : ‏ نهي المسلمين عن موالاة الذين كفروا وموارثتهم وإيجاب مباعدتهم ومصارمتهم وإن كانوا أقارب وأن يتركوا يتوارثون بعضهم بعضا . وقال غيره : لما ذكر أقسام المؤمنين الثلاثة وأنهم أولياء ينصر بعضهم بعضا ويرث بعضهم بعضا بين أن فريق الكفار كذلك ; إذ كانوا قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ينادي أهل الكتاب منهم قريشا ويتربصون بهم الدوائر ، فصاروا بعد بعثه يوالي بعضهم بعضا وإلبا واحدا على الرسول صونا على رئاساتهم وتحزبا على المؤمنين .

( إن لا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) الضمير المنصوب في تفعلوه عائد على الميثاق ، أي : على حفظه ، أو على النصر ، أو على الإرث ، أو على مجموع ما تقدم ، أقوال أربعة ، وقال الزمخشري : أي : إن لا تفعلوا ما أمرتكم به من تواصل المسلمين وتولي بعضهم بعضا حتى في التوارث تفضيلا لنسبة الإسلام على نسبة القرابة ، ولم [ ص: 523 ] تقطعوا العلائق بينكم وبين الكفار ، ولم تجعلوا قرابتهم كلا قرابة تحصل فتنة في الأرض ومفسدة عظيمة ; لأن المسلمين ما لم يصيروا يدا واحدة على الشرك كان الشرك ظاهرا والفساد زائدا ، وقال ابن عطية : والفتنة المحنة بالحرب وما انجر معها من الغارات والجلاء والأسر ، والفساد الكبير ظهور الشرك ، وقال البغوي : الفتنة في الأرض قوة الكفر ، والفساد الكبير ضعف الإسلام ، وقرأ أبو موسى الحجازي عن الكسائي : كثير ، بالثاء المثلثة ، وروي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قرأ : وفساد عريض .

التالي السابق


الخدمات العلمية