الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      [ ص: 82 ] مسألة [ جريان القياس العقلي في العقليات ]

                                                      الأكثرون منا ومن المعتزلة ، كما قال الأستاذ أبو منصور وغيره ، على جريان القياس العقلي في العقليات ، أي : العلوم العقلية ، كقولنا في مسألة الرؤية : الله موجود ، وكل موجود مرئي ، فيكون مرئيا . وحكى ابن سريج في كتابه الإجماع على استعماله . قال : وإنما اختلفوا في الشرعي . ثم قيل : قطعي ، والمحققون - منهم الإمام الرازي - على أنه ظني لا يفيد اليقين . وقال ابن برهان : القياس القطعي يجوز التمسك به في إثبات القطعيات ، بخلاف الظني ، لأن المطلوب فيها القطع ، واليقين لا يستفاد من الدليل الظني . وذهب الصيرفي والغزالي إلى المنع وحكاه في البرهان عن أحمد بن حنبل وأصحابه قال : وليسوا منكرين أيضا نظر العقل إلى العلم ، ولكن ينهون عن ملابسته والاشتغال به .

                                                      قال الصيرفي : العقل وضع لإدراك الأشياء على ما هي به فلا يجوز انتقاله عن هذا أبدا قال : وإنما أخطأ الناس في نفي القياس في الأحكام لأنهم راموا جعل العقليات كالموجب في الشرع فلما لم يجز أحالوه ولو سلكوا بكل واحد طريقه لأصابوا . وقال إمام الحرمين أطلق النقلة القياس وأنا أقول : إن عنوا النظر الفعلي فهو في نوعه مفض إلى العلم إذا استجمع شرائطه ، مأمور به شرعا ، وإن عنوا به اعتبار شيء ، بشيء واستثارة معنى في قياس غائب على شاهد فذاك باطل عندي . [ ص: 83 ] قلت : ولا يمكن أن يعنوا به الأول ، فإن القياس لا يطلق حقيقة على النظر المحض .

                                                      قال الأصفهاني رحمه الله تعالى : ومن قال بجريان القياس في العقليات جمع بين الأصل والفرع بأحد أمور أربعة :

                                                      أحدها : العلة كقولنا : العالمية في الشاهد حاصلة اتفاقا فكذا في الغائب لأن تمام التعليم بالشاهد إنما كان للعالمية المستقلة به للعلم ، وهذا المعنى موجود في الغائب . فيكون له العلم وهذا جمع بالعلة .

                                                      ثانيها : الجمع بالدليل . قالوا : الإتقان في الشاهد دليل العلم . وأفعال الله متقنة فيكون عالما لوجود دليل العلم .

                                                      ثالثها : الجمع بالشرط كقولنا العلم من الشاهد شرطه الحياة والله عالم فيكون حيا .

                                                      رابعها : الجمع بالإطلاق الحقيقي كقولنا : المريد من قامت به الإرادة وهذه طريقة المتقدمين من المتكلمين وهي ضعيفة تفيد العلم والمطلوب في هذه المسائل إنما هو العلم .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية