الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الأدب العاشر : في جلسائه ومباشريه ، قال اللخمي : لا يكون وكلاؤه وحجابه إلا عدولا ، لأنه يعتمد عليهم في أمور كثيرة ، ويكونون ذوي رفق وأناة ، لورود الضعيف والمظلوم عليهم ، ويباشرون النساء الواردات للحكومة ، ويؤتمنون على الحديث معهم ، فإذا اطلعوا على أسرار القاضي فيما يريد من حكومة ، فلا ينقلونها لأحد الخصمين ، وكذلك جلساؤه ، ويكونون أهل دين وأمانة ونصيحة ، واختلف في جلوس العلماء عنده ، فاختار محمد حضورهم ومشاورتهم ، وكان عثمان _ رضي الله عنه _ يخص أربعة من الصحابة ويستشيرهم ، فإذا رأوا ما رآه أمضاه ، وقاله أشهب ، ومنع مطرف وقال : إذا ارتفع عن مجلس القضاء شاور ، قال [ ص: 75 ] اللخمي : ذلك يختلف إن كان لا ينحصر بحضورهم ، وإلا فلا إلا أن يكون القاضي مقلدا فلا يسعه القضاء بغير حضورهم ، قال محمد : ولا يدع مشاورة الفقهاء عندما يتوجه الحكم ، ولا يجلس للقضاء إلا بحضور عدول ; ليحفظوا إقرار الخصوم خوف رجوع المقر ، وإن كان ممن يقضي بعلمه ، فإن أخذه بما لا خلاف فيه أولى ، قال التونسي : قال سحنون : لا ينبغي أن يكون معه من يشغله عن النظر فقهاء أو غيرهم ، فإن ذلك يدخل عليها الحصر والوهم ، وكان عمر _ رضي الله عنه _ لا يحضر عنده الفقهاء ، وإذا شهد العالم في شيء فلا يشاور ذلك العالم في ذلك ، ولا يجوز له أن يشاوره فيما شهد فيه ، وفي الجواهر : قال ابن الحكم : لا ينبغي ترك المشاورة ، ولا يدخله عيب ولا استنكاف ، فإن سلف هذه الأمة وخيار الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا يسألون عما نزل بهم فهذا أبو بكر _ رضي الله عنه _ يسأل عن الجدة ، وكان عمر _ رضي الله عنه _ يأتي زيد بن ثابت يسأله في أمر الجد وميراثه ، وسأل عمر أيضا عن ميراث المرأة من دية زوجها ، ولا يفتى فيما يختصم إليه فيه إلا للمتفقهين ، واختار ابن عبد الحكم الفتيا في جميع ما يسأل عنه ، لأن الخلفاء الأربعة - رضي الله عنهم - كانوا يفعلون ذلك ، ولا بأس أن يجلس القاضي في مجلس العلم فيعلم أو يتعلم ، وعند ( ش ) و ( ح ) : يحضر بمجلسه العلماء ويشاورهم ; لقوله تعالى : ( وشاورهم في الأمر ) وشاور في أمر الخندق وغيره وقال تعالى : ( وأمرهم شورى بينهم ) .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية