الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 76 ] الأدب الحادي عشر : استيفاء الحجج ، ففي الكتاب : إن أدليا بحجتهما ، وفهم عنهما ، وأراد أن يحكم فليقل : أبقيت لكما حجة ؟ فإن قالا : لا ، حكم بينهما ، ثم لا يقبل إلا ما له وجه وبينة لم يعلم بها ، أو أتى بشاهد عند من لم ير الشاهد واليمين ، ثم وجد شاهدا آخر وقال : لم أعلم به . وفي التنبيهات : قال ابن محرز : جعل فهمه مقام ما يسمعه ، قال القاضي : وليس المراد هذا ، وإنما فهم عنهما وأسمعه ؛ انتفت الريبة عنه والاحتمال ، قال أشهب وسحنون : لا يقضي بما فهمه من لحن خطابهما ولا بما يظنه في هذا هو الفهم الذي أراده في الكتاب ، وقوله : أبقيت لكما حجة ؟ قيل : صوابه من [ . . . . . ] المحكوم وعليه اختصرها ابن محمد ومن اتبعه ، وأما الطالب فهو يطلب الحكم ، وقيل : القول لهما ، لأن المطلوب إذا أبدى حجة يسأل الطالب عن جوابها ، فكأنه قال : أبقي لكما كلام أنظر فيه ؟ قال : والأحسن : أنهما اثنان ، طالب ومطلوب ، فمرة يتوجه الحكم على المطلوب ، ومرة على الطالب بتعجيزه للمطلوب ودفعه عنه ، فقوله : أبقيت لكما حجة ، لما كان يقول ذلك لكل واحد منهما منفردا إذا توجه عليه الحكم اختصر الكلام ولفه في لفظ واحد ، وأيضا فقد يبقى للطالب حجة يدفع فيها عنه ، وظاهر قوله : إذا جاء شاهد آخر يقضي له القاضي الأول وغيره ، وفي الموازية : إنما هذا للقاضي نفسه ، ولا يسمع منه غيره ، ولسحنون : لا هو ولا غيره ، قال ابن يونس : فإن قالا : لا حجة لنا ، لا تقبل لهما حجة بعد إنفاذ الحكم ، وإن قال : بقيت لي حجة فأمهله فلم يأت بشيء : حكم عليه ، ومعنى قول من قال : لا ينظر في الشاهد إذا أتى به غير الأول ، لأن الأول قد اجتهد فلا ينقص ، لئلا يكون للثاني وصي على الأول ، وفي المجموعة : إذا قضى عليه ثم وجد بينة لم يعلم بها ، وقد عزل الأول ، حكم له بها الثاني كما لو [ ص: 77 ] كانت غائبة غيبة بعيدة فحكم عليها ثم قدمت ، فله القيام بها ، فالجهل بها كالغيبة ، وينبغي أن يكتب في قضيته : أنه ذكر أن له بينه بعيدة الغيبة ، فمن أحضر شهوده فهو على حجته . وعن عبد الملك وغيره : إذا حكم بشاهد من بعد الاجتهاد في الكشف عنهما لم ينتقض بشيء مما يقدح فيهما إلا أن يكونا عبدين أو مسخوطين أو مولى عليهما أو ممن يستحقان الولاية عليهما ، وقاله أشهب قال اللخمي : إذا قال : بقيت لي حجة : قال محمد : إن كان من طريق اللدد ضرب له أجلا ليس بالبعيد ، ثم يحكم عليه ، وإن ذكر حجة قوية في دار ونحوها : فنحو ثلاثة أشهر .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية