الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وسهم سبيل الله كما وصفت يعطى منه من أراد الغزو من أهل الصدقة فقيرا كان أو غنيا ، ولا يعطى منه غيرهم إلا أن يحتاج إلى الدفع عنهم فيعطاه من دفع عنهم المشركين : لأنه يدفع عن جماعة أهل الإسلام " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال ، سهم سبيل الله مصروف في الغزاة ، وهو قول أبي حنيفة ومالك .

                                                                                                                                            وقال أحمد بن حنبل : وهو مصروف في الحج ، وبه قال ابن عمر استدلالا بما روي أن رجلا جعل ناقة له في سبيل الله فأرادت امرأته أن تحج ، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه : اركبيها فإن الحج من سبيل الله

                                                                                                                                            ودليلنا هو أن سبيل الله إذا أطلق فهو محمول على الغزو ولقوله تعالى : [ ص: 512 ] وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم [ التوبة : 20 ] ، وقوله تعالى : إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا [ الصف : 4 ] .

                                                                                                                                            وروى أبو سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة : لغاز في سبيل الله ، ولأن مال الصدقات مصروف في ذوي الحاجات وليس الحج منها ، ولأن مال الصدقات لا ينصرف إلا في الجهات المالكة فخرج الحج منها ، ولأن الحج وإن كان عن رب المال ، فلا يجب إلا مع عجزه وفي غير زكاته من أمواله ، وإن كان عن غيره فلا يجوز أن يصرف فيه زكاة غيره ، وإن كان في الحجاج أعطوا إما من سهم الفقراء ، أو من سهم بني السبيل ، فبطل بذلك ما قالوه ، وليس يمتنع ما جاء به الخبر من أن الحج من سبيل الله لقرينة ، وإن كان إطلاقه يتناول الجهاد .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية