الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في الرجل يتحمل لهما بحق فيأخذ أحدهما والآخر غائب فيقدم هل يرجع بحصته قلت : أرأيت لو أني تكفلت لرجلين بحق لهما ، فغاب أحدهما وحضر الآخر ، فأخذ مني الحاضر بحصته من الدين فقدم الغائب ، أيكون له أن يرجع بحصته على الذي أخذ حصته فيما أخذ ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : في الدين يكون بين الرجلين في صك واحد على رجل واحد ، فيقتضي أحدهما نصيبه من الدين دون صاحبه ، قال مالك : يشاركه صاحبه فيما اقتضى إذا كان ذكر الحق واحدا ، فكذلك مسألتك إلا أن يكون الشريك رفع ذلك إلى السلطان ، واستعدى عليه وأمره أن يخرج معه في اقتضائه ، أو يوكل فأبى فأذن له في ذلك السلطان ، أو يكون قد أشهد عليه وإن لم يأت السلطان بأن يخرج أو يوكل فلا يفعل ، فيخرج على ذلك فيستقضي ، فهذا لا يرجع معه فيه وهذا قول مالك قلت : ولو رفع ذلك إلى السلطان - والشريك الآخر غائب - فقضى السلطان أن يأخذ حقه فأخذه ، وقبل الغريم وفاء بحق صاحبه ، فأعدم الغريم بعد ذلك ، ثم قدم الغائب فطلب شريكه بنصف ما اقتضى ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا يكون ذلك له .

                                                                                                                                                                                      قال : ولو قام الحاضر عليه ولم يجد عنده إلا قدر حقه فقط ، أخذ الحاضر من ذلك ما ينوبه في المحاصة لو كان صاحبه معه ، فإن جهل السلطان فقضى له بأخذ حقه ، فإن قدم الغائب طالب الحاضر بنصف ما اقتضى ; لأنه بمنزلة التفليس ; لأنه قد بيع ماله وخلع ماله كله . وقال غيره : إذا لم يكن عنده إلا مقدار حق أحد الرجلين ، فقضى له بما ينوبه في الحصاص ، أو قضى له بجميع حقه ، فهو سواء إذا قدم الغائب طالب شريكه بما ينوبه ; لأنه بمنزلة التفليس .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية