الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ومن اضطر إلى محرم مما ذكرنا : حل له منه ما يسد رمقه ) يجوز له الأكل من المحرم مطلقا إذا اضطر إلى أكله على الصحيح من المذهب . وعليه جماهير الأصحاب ، وقطع به كثير منهم . وقيل : يحرم عليه الميتة في الحضر . ذكره في الرعاية . وذكره الزركشي رواية . وعنه : إن خاف في السفر : أكل ، وإلا فلا ، اختاره الخلال .

تنبيهان أحدهما : الاضطرار هنا : أن يخاف التلف فقط على الصحيح من المذهب نقل حنبل : إذا علم أن النفس تكاد تتلف ، وقدمه في الفروع ، وجزم به الزركشي ، وغيره . وقيل : أو خاف ضررا . [ ص: 370 ] وقال في المنتخب : أو مرضا ، أو انقطاعا عن الرفقة . قال في الفروع : ومراده ينقطع فيهلك ، كما ذكره في الرعاية . وذكر أبو يعلى الصغير : أو زيادة مرض .

وقال في الترغيب : إن خاف طول مرضه فوجهان . الثاني : قوله " حل له منه ما يسد رمقه " يعني : ويجب عليه أكل ذلك على الصحيح من المذهب ، نص عليه . وذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله وفاقا ، واختاره ابن حامد ، وجزم به في المحرر ، وغيره ، وقدمه في الفروع ، والرعايتين ، والحاويين ، والقواعد الأصولية ، وغيرهم . قال الزركشي : هذا المشهور من الوجهين . وقيل : يستحب الأكل . ويحتمله كلام المصنف هنا . قال في الرعاية والحاوي ، وقيل : يباح . وأطلقهما في المغني ، والشرح . قوله ( وهل له الشبع ؟ على روايتين ) . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والمغني ، والشرح . إحداهما : ليس له لذلك . ولا يحل له إلا ما يسد رمقه . وهو المذهب . وعليه أكثر الأصحاب . قال الزركشي : هذا ظاهر كلام الخرقي ، واختيار عامة الأصحاب ، وجزم به في الوجيز ، وغيره .

[ ص: 371 ] وقدمه في الخلاصة ، والمحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاويين ، والفروع وغيرهم . الرواية الثانية : له الأكل حتى يشبع . اختاره أبو بكر . وقيل : له الشبع إن دام خوفه . وهو قوي . وفرق المصنف وتبعه جماعة بين ما إذا كانت الضرورة مستمرة . فيجوز له الشبع . وبين ما إذا لم تكن مستمرة ، فلا يجوز . فوائد إحداها : هل له أن يتزود منه ؟ مبني على الروايتين في جواز شبعه . قاله في الترغيب . وجوز جماعة التزود منه مطلقا . قلت : وهو الصواب . وليس في ذلك ضرر . قال المصنف ، والشارح : أصح الروايتين : يجوز له التزود . ونقل ابن منصور ، والفضل بن زياد : يتزود إن خاف الحاجة ، جزم به في المستوعب ، واختاره أبو بكر . وهو الصواب أيضا . الثانية : يجب تقديم السؤال على أكل المحرم على الصحيح من المذهب . نقله أبو الحارث . وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله : إنه يجب ولا يأثم . وأنه ظاهر المذهب .

التالي السابق


الخدمات العلمية