الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
95 - الرجل يصلي في بيته، ثم يدرك الصلاة مع الإمام

4307 - أخبرنا أبو عبد الله، وأبو زكريا، وأبو بكر ، وأبو سعيد، قالوا: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك، عن زيد بن أسلم، عن رجل من بني الديل، يقال له: بسر بن محجن، عن أبيه محجن: أنه كان في مجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأذن بالصلاة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى، ومحجن في مجلسه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما منعك أن تصلي مع الناس؟ ألست برجل مسلم؟" قال: بلى يا رسول الله، ولكني كنت قد صليت في أهلي [ ص: 213 ] ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جئت فصل مع الناس، وإن كنت قد صليت".

4308 - هكذا قاله مالك بن أنس، وجماعة عن زيد بن أسلم .

4309 - قال البخاري: حدثنا أبو نعيم قال: قال سفيان: قال بشر: قال أبو نعيم: بلغني أنه رجع عنه.

4310 - قال الشافعي رحمه الله في رواية أبي عبد الله، وأبي سعيد: لم يخص النبي صلى الله عليه وسلم فيه صلاة دون صلاة، ثم ساق الكلام إلى أن قال: وإنما قلنا بهذا لما وصفنا من أن حديث النبي صلى الله عليه وسلم جملة، وأنه بلغنا أن الصلاة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم الرجلين، أن يعودا لها صلاة الصبح.

4311 - قال في القديم: ورواه أيضا هشيم، فذكر الحديث الذي حدثنا أبو جعفر كامل بن أحمد المستملي، قال أخبرنا أبو سهل الإسفراييني قال: حدثنا داود بن الحسين البيهقي قال: حدثنا يحيى بن يحيى قال: حدثنا هشيم عن يعلى بن عطاء، عن جابر بن يزيد بن الأسود العامري، عن أبيه قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجته، فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف، فلما قضى الصلاة انحرف، فإذا هو برجلين في آخر المسجد، ما شهدا معه الصلاة، فقال: "علي بهما"، فأتي بهما ترعد فرائصهما، فقال: "ما منعكما أن تصليا معنا؟" قالا: يا رسول الله: كنا صلينا في رحالنا قال: "فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجد جماعة، فصليا معهم، فإنها لكما نافلة" .

[ ص: 214 ] 4312 - قال الشيخ أحمد: هكذا رواه سفيان، وشعبة، عن يعلى بن عطاء، وأخرجه أبو داود في كتاب السنن، من حديث شعبة.

4313 - قال الشافعي: في القديم في احتجاج من احتج بحديث يعلى بن عطاء في أن المكتوبة هي الأولى، هذا إسناد مجهول، وهذا الحديث يبين، أن النبي صلى الله عليه وسلم، أمرهما أن يعيدا الصبح، وهو يقول: "لا يعاد الصبح، فإن كانت فيه حجة فهي عليه"، وإنما قال هذا، لأن يزيد بن الأسود ليس له راو غير ابنه، ولا لجابر بن يزيد راو غير يعلى بن عطاء، ويعلى بن عطاء، لم يحتج به بعض الحفاظ، وكان يحيى بن معين، وجماعة من الأئمة يوثقونه.

4314 - وهذا الحديث له شواهد منها حديث محجن.

4315 - ومنها ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال: أخبرنا يوسف بن يعقوب قال: حدثنا أبو الربيع قال: حدثنا حماد بن زيد، عن أبي عمران الجوني، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف أنت، إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها"، أو قال: "يميتون الصلاة عن وقتها" قال: قلت: فما تأمرني؟ قال: "صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصل معهم، فإنها لك نافلة" [ ص: 215 ] ، رواه مسلم في الصحيح، عن أبي الربيع .

4316 - وأخرجه من حديث أبي العالية، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر، وقال فيه: "فإن أدركتك معهم فصل، ولا تقل إني قد صليت، فلا أصلي".

4317 - وفي رواية أخرى عنه: "واجعلوا صلاتكم معهم نافلة".

4318 - وأخرجه من حديث أبي نعامة، عن عبد الله، عن أبي ذر قال فيه: "ثم إن أقيمت الصلاة، فصل معهم، فإنها زيادة خير".

4319 - قال الشيخ أحمد: ويشبه أن يكون المراد به تأخيرها عن أول الوقت، ثم قد تدركه إقامة الصلاة في آخر الوقت أو بعده، ولم يفرق في الإعادة بين أن يقيموا لها قبل خروج الوقت أو بعده، والله أعلم.

4320 - قال الشيخ أحمد: وقد روينا عن نوح بن صعصعة، عن يزيد بن عامر قال : [ ص: 216 ] جئت، والنبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فجلست، فذكر قصة، وقال فيها: فقال: "إذا جئت إلى الصلاة، فوجدت الناس، فصل معهم، وإن كنت قد صليت، تكن لك نافلة، وهذه مكتوبة" أخبرناه أبو علي الروذباري قال: أخبرنا أبو بكر بن داسة قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا قتيبة، قال: حدثنا معن بن عيسى، عن سعيد بن السائب، عن نوح بن صعصعة، فذكره.

4321 - وهذا يوافق حديث يزيد بن الأسود في إعادة الصلاة، ويخالفه في المكتوبة منهما، وحديث يزيد بن الأسود أشهر، ومعه حديث أبي ذر من الوجه الذي بينا.

4322 - وقد نص الشافعي في كتاب الجمعة، وسنن حرملة، على أن صلاته مع الجماعة نافلة له.

4323 - واحتج في سنن حرملة، بحديث هشيم، وكأنه عرف صحة إسناده، فذهب إليه.

4324 - وقال فيما ألزم مالكا: قد روى مالك، عن ابن عمر، وابن المسيب، أنهما "أمرا من صلى في بيته، أن يعود لصلاته مع الإمام" وقال السائل: أيهما أجعل صلاتي؟ فقال: "أوذلك إليك؟ إنما ذلك إلى الله" .

[ ص: 217 ] 4325 - وروى عن أبي أيوب الأنصاري، أنه أمر بذلك، وقال: "من فعل ذلك، فله سهم جمع، أو مثل سهم جمع".

التالي السابق


الخدمات العلمية