الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4520 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: حدثنا العباس بن محمد الدوري قال: حدثنا محمد بن عبيد قال: حدثنا مسعر، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما أنا بشر أنسى، كما تنسون، فأيكم ما شك في صلاته، فلينظر أحرى ذلك للصواب، فليتم عليه، ويسجد سجدتين" .

[ ص: 269 ] 4521 - أخرجه مسلم في الصحيح من حديث محمد بن بشر، ووكيع، عن مسعر، إلا أنه قال في رواية وكيع: "فليتحر الصواب" وفي رواية ابن بشر، كما روينا، وأخرجه البخاري من حديث جرير عن منصور " وقال: فليتحر الصواب ".

4522 - وهذا اللفظ في جملة حديث رواه عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم حين سها، فصلى خمسا.

4523 - وقد روى الحكم بن عتيبة، والأعمش، تلك القصة عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله دون لفظ التحري.

[ ص: 270 ] 4524 - ورواها إبراهيم بن سويد، عن علقمة، عن عبد الله دون لفظ التحري .

4525 - ورواها الأسود بن يزيد، عن عبد الله دون لفظ التحري.

4526 - فذهب بعض أهل المعرفة بالحديث إلى أن الأمر بالتحري في هذا الحديث مشكوك فيه، فيشبه أن يكون من جهة ابن مسعود، أو من دونه، فأدرج في الحديث.

4527 - وذهب غيره إلى تصحيح الحديث، بأن منصور بن المعتمر من حفاظ الحديث، وثقاتهم، وقد روى القصة بتمامها، وروى فيها لفظ التحري غير مضاف إلى غير النبي صلى الله عليه وسلم، ورواها عنه جماعة من الحفاظ منهم: مسعر، والثوري، وشعبة، ووهيب بن خالد، وفضيل بن عياض، وجرير بن عبد الحميد، وغيرهم.

4528 - والزيادة من الثقة مقبولة، إذا لم يكن فيها خلاف رواية الجماعة.

4529 - والجواب عنه ما ذكره الشافعي رحمه الله. قال الشافعي: قلنا قد يحتمل قوله صلى الله عليه وسلم: "فليتحر" الذي يظن أنه نقصه، فيتمه، حتى يكون التحري أن [ ص: 271 ] يعيد ما شك فيه، ويبني على حال يستيقن فيها، وهو كلام عربي، وقد فسره أبو سعيد الخدري على ما يدل على هذا المعنى.

4530 - قال منهم قائل: قد يحتمل ما قلنا، فما جعل معناك أولى. قال الشافعي: قلنا الدلالة، بالرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من حديث أبي سعيد الخدري، وعبد الرحمن بن عوف، أنهما رويا ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورويناه عن أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمر، وغيرهم ، وهو أمر العامة قبلنا لا أعلم فيه منهم مخالفا غير أن الألفاظ قد تختلف لسعة الكلام في الأمر الذي معناه واحد.

4531 - قال الشيخ أحمد: ومن اختلاف ألفاظهم تعلق الطحاوي رحمنا الله وإياه بما روي عن ابن عمر، وأبي سعيد، أنهما سئلا عن رجل سها، فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا، فقالا: يتحرى أصوب ذلك، فيتمه، ثم يسجد سجدتين.

4532 - وفي حديث آخر عن ابن عمر، فليتوخ الذي يظن أنه نسي من صلاته، فليصله، وليسجد سجدتين.

4533 - فترك ما روى أبو سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم صريحا في طرح الشك والبناء على اليقين، وتعلق بما يحتمل أن يكون موافقا لما روى.

4534 - وكذلك بين في الرواية الأخرى عن ابن عمر، أنه أراد بالتوخي، أن يصلي، ما يظن أنه نسي.

4535 - وقد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم صريحا كما رواه أبو سعيد في البناء على اليقين.

[ ص: 272 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية