الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3802 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: حدثنا محمد بن إسحاق قال: حدثنا الأسود بن عامر قال: حدثنا شعبة قال: حدثنا سفيان بن حسين قال: سمعت الزهري، يحدث عن ابن أبي رافع، عن أبيه، عن علي، أنه كان يأمر أن يقرأ، خلف الإمام أظنه قال: "في الظهر، والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب".

3803 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثني محمد بن أحمد بن حمدون قال: حدثنا جعفر بن أحمد بن نصر الحافظ قال: حدثنا عمرو بن علي قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي قال: "اقرأ في صلاة الظهر، والعصر خلف الإمام، بفاتحة الكتاب وسورة".

3804 - وكذلك رواه يزيد بن هارون، عن سفيان بن حسين، دون ذكر أبيه فيه، وسماع عبيد الله بن أبي رافع، من علي صحيح.

3805 - وفي هذا دليل على خطأ ما روي عن علي بخلافه، أو أريد به ترك الجهر دون أصل القراءة.

3806 - وأخبرنا أبو سعيد قال: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع [ ص: 87 ] قال: قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم، عن منصور، عن الحسن، أن عليا قال: "اقرأ فيما أدركت مع الإمام".

3807 - وروينا عن عبد الله بن زياد الأسدي قال: صليت إلى جنب عبد الله بن مسعود خلف الإمام، فسمعته يقرأ في الظهر، والعصر.

3808 - وفي هذا دلالة، على أن ما روي عنه، أنه سئل عن القراءة خلف الإمام، فقال: "أنصت للقرآن، فإن في الصلاة شغلا، وسيكفيك ذلك الإمام" إنما أراد به صلاة يجهر الإمام فيها بالقراءة، أو قراءة السورة، أو ترك الجهر بقراءة نفسه .

[ ص: 88 ] 3809 - وروينا عن يزيد الفقير، عن جابر بن عبد الله قال: " كنا نقرأ في الظهر، والعصر خلف الإمام في الركعتين الأوليين: بفاتحة الكتاب، وسورة، وفي الأخريين: بفاتحة الكتاب ".

3810 - وفي هذا دلالة، على أن ما روى عنه وهب بن كيسان، من قوله: "من صلى ركعة، لم يقرأ فيها بأم القرآن، فلم يصل، إلا وراء الإمام" إنما أراد به صلاة يجهر الإمام فيها بالقراءة، أو إذا أدركه في الركوع.

3811 - وروينا عن أبي الدرداء، أنه قال: "لا تترك قراءة فاتحة الكتاب خلف الإمام جهر، أو لم يجهر".

3812 - وفي هذا دلالة على أن ما روى كثير بن مرة، من قوله: "لا أرى الإمام، إذا أم القوم، إلا قد كفاهم، إنما أراد به صلاة يجهر الإمام فيها بالقراءة" أو أراد به أنه يكفيهم قراءة السورة، والجهر بالفاتحة.

3813 - وروينا عن عبادة بن الصامت، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وعبد الله بن عباس، وأبي سعيد الخدري، وعبد الله بن مغفل، وأبي هريرة، وأنس، وعمران بن حصين، وعائشة، أنهم كانوا يأمرون بالقراءة، خلف الإمام.

3814 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، وهشام بن عامر، أنهما كانا يقرآن خلف الإمام.

3815 - وروينا عن زيد بن ثابت، وابن عمر، أنهما كانا لا يريان القراءة خلف الإمام .

[ ص: 89 ] 3816 - وروينا عن ابن عمر من وجه آخر، أنه سئل عن ذلك، فقال: "إني لأستحي من رب، هذه البنية أن أصلي صلاة، لا أقرأ فيها بأم القرآن".

3817 - وكأن بعضهم شاهد كراهيته لها حين صلى الظهر، أو نهيه عنها، حين صلى الصبح، ثم لم يسمع استثناءه قراءة الفاتحة، حين صلى الصبح، فلذلك اختلفوا.

3818 - فالذين سمعوا الكراهية، أو النهي دون الاستثناء، حملها بعضهم على جميع الصلوات، وبعضهم على صلاة يجهر فيها بالقراءة.

3819 - ومن سمع النهي، والاستثناء، حمل النهي، والكراهية على الجهر بالقراءة في جميع الصلوات، وعلى قراءة السورة فيما يجهر فيه بالقراءة، دون قراءة الفاتحة سرا في الصلوات كلهن.

3820 - ففيما روينا أنه سمع في صلاة الظهر، حين سمع القراءة، خلفه قال: ما روينا في حديث عمران بن حصين، وغيره.

3821 - وفي صلاة الفجر، حين سمع القراءة خلفه قال: ما روينا في حديث عبادة، وغيره.

3822 - فهما قصتان يجوز أن يغيب عن إحديهما، بعض من شهد الأخرى.

3823 - ويجوز أن يغيب بعض كلامه فيها، عن بعض من شهدها، فكل من شهدها في صلاة الصبح، وسمع كلامه بأجمعه، حفظ فيها ما نهى عنه، وما استثناه، وأخبر أن الصلاة لا تجزئ دون القراءة، فالحكم له دون غيره، وبالله التوفيق.

[ ص: 90 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية