الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3263 باب في أمر البعوث بالتيسير

                                                                                                                              وهو في النووي في: (الباب المتقدم) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 41 جـ 12 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [ (عن أبي موسى ) رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه ومعاذا إلى اليمن فقال: يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا . وتطاوعا ولا تختلفا ") .

                                                                                                                              وفي رواية أخرى عنه، عند مسلم: " بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا ". وزاد في حديث أنس، عند مسلم: " وسكنوا ولا تنفروا ) " ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              وإنما جمع في هذه الألفاظ، بين الشيء وضده؛ لأنه قد يفعلهما في وقتين. فلو اقتصر على ( يسروا "، ) لصدق ذلك على من يسر مرة [ ص: 561 ] أو مرات، وعسر في معظم الحالات. فإذا قال: (" ولا تعسروا "، ) انتفى التعسير في جميع الأحوال، من جميع وجوهه. وهذا هو المطلوب.

                                                                                                                              وكذا يقال في: " يسرا ولا تنفرا. وتطاوعا ولا تختلفا "؛ لأنهما قد يتطاوعان في وقت، ويختلفان في وقت. وقد يتطاوعان في شيء، ويختلفان في شيء.

                                                                                                                              وفي هذا الحديث: الأمر بالتبشير بفضل الله، وعظيم ثوابه، وجزيل عطائه، وسعة رحمته. والنهي عن التنفير بذكر التخويف، وأنواع الوعيد محضة، من غير ضمها إلى التبشير.

                                                                                                                              وفيه: تأليف من قرب إسلامه، وترك التشديد عليه. وكذلك من قارب البلوغ من الصبيان، ومن بلغ، ومن تاب من المعاصي: كلهم يتلطف بهم، ويدرجون في أنواع الطاعة قليلا قليلا. وقد كانت أمور الإسلام في التكليف على التدريج. فمتى يسر على الداخل في الطاعة، أو المريد للدخول فيها: سهلت عليه، وكانت عاقبته - غالبا -: التزايد منها. ومتى عسرت عليه: أوشك أن لا يدخل فيها. وإن دخل: أوشك أن لا يدوم، أو لا يستحليها.

                                                                                                                              وفيه: أمر الولاة بالرفق، واتفاق المتشاركين في ولاية ونحوها.

                                                                                                                              [ ص: 562 ] وهذا من المهمات، فإن غالب المصالح: لا يتم إلا بالاتفاق. ومتى حصل الاختلاف، فات.

                                                                                                                              وفيه: وصية الإمام الولاة، وإن كانوا أهل فضل وصلاح؛ كمعاذ، وأبي موسى. فإن الذكرى تنفع المؤمنين.

                                                                                                                              وهذا الحديث: مما استدركه الدارقطني . وأجاب عنه النووي . فراجعه.




                                                                                                                              الخدمات العلمية