( حدثنا حدثنا قتيبة بن سعيد ) بفتح فكسر ( عن ابن لهيعة عبيد الله بن المغيرة ) بضم فكسر ( عن ) بفتح جيم فسكون زاي فهمز ( قال : عبد الله بن الحارث بن جزء ) أي : ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخلاف سائر الناس ; فإن ضحكهم أكثر من تبسمهم ; فلا ينافي ما قيل من أنه متواصل الأحزان كذا حققه الفاضل مولانا عبد الغفور ، وتبعه الشراح ، وتعقبه تبسمه أكثر من ضحكه الحنفي بقوله ، وفيه بحث ; لأن المعنى الذي ذكره لا يستفاد من هذا الحديث ; لأن كلمة ( من ) صلة ( أكثر تبسما ) ، ومعناه بمقتضى العرف أنه - صلى الله عليه وسلم - أكثر تبسما من غيره قلت لا شك أن هذا المعنى غير صحيح في حقه - صلى الله عليه وسلم - لأنه كان قليل التبسم أحيانا على ما ورد فلا بد من تأويل ، فالمعنى الذي ذكره متعين لتصحيح الكلام في هذا المقام . غايته أنه متفرع على أن ضحك سائر الناس من تبسمهم ، وهو كذلك على ما هو الغالب المشاهد في عامتهم على الخصوص ، وفي جميعهم [ ص: 20 ] في الجملة لا في كل فرد منهم ; فاندفع قول المعترض على أن القول بأن سائر الناس ضحكهم أكثر من تبسمهم ليس بظاهر بل هو دعوى بيان ، ومع ذلك لا يتبين اندفاع التدافع به ، انتهى .
قال شارح يمكن التوفيق بوجه آخر ، وهو أنه متواصل الأحزان باطنا بسبب أمور الآخرة ، وكان أكثر تبسما ظاهرا مع الناس تآلفا بهم وحاصله أن تواصل الأحزان لا ينافي كثرة تبسمه لأن الحزن من الكيفيات النفسانية .