الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا سفيان ) أي : الثوري [ ص: 153 ] ( عن عاصم بن عبيد الله عن القاسم بن محمد عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل عثمان بن مظعون ) بالظاء المعجمة أي : وجهه أو بين عينيه ( وهو ميت ) وهو أخوه رضاعا قرشي أسلم بعد ثلاثة عشر رجلا ، وهاجر الهجرتين ، وشهد بدرا ، وكان حرم الخمر في الجاهلية ، وهو أول من مات من المهاجرين بالمدينة في شعبان على رأس ثلاثين شهرا من الهجرة ، ولما دفن قال نعم السلف هو لنا ودفن بالبقيع كان عابدا مجتهدا من فضلاء الصحابة ( وهو ) أي : والحال أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ( يبكي ) أي : حتى سالت دموع النبي - صلى الله عليه وسلم - على وجه عثمان على ما في المشكلة قال ميرك : وأخرج ابن سعد في الطبقات عن سفيان الثوري عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل عثمان بن مظعون ، وهو ميت قالت : فرأيت دموع النبي - صلى الله عليه وسلم - تسيل على خد عثمان .

وأخرج أيضا عن أبي النضر قال : لما مر بجنازة عثمان بن مظعون قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذهبت ولم تلبس منها بشيء يعني من الدنيا ، وهذا مرسل لكن له شاهد عند ابن الجوزي في كتاب الوفاء عن عائشة قالت : لما مات عثمان بن مظعون كشف النبي - صلى الله عليه وسلم - الثوب عن وجهه ، وقبل بين عينيه ثم بكى طويلا فلما رفع عن السرير قال : طوبى لك يا عثمان لم تلبسك الدنيا ، ولم تلبسها ( أو قال ) أي : الراوي كما قاله الكاشاني وهو شك من أحد الرواة ( عيناه ) وفي نسخة ، وعيناه ( تهراقان ) بضم التاء ، وفتح الهاء ، وسكونها أيضا ، وفي نسخة بحذف الألف تصبان الدمع أو تصبان دموعهما قال العصام : فيه لغتان فتح الهاء على أنها عوض عن الهمزة ، وحينئذ ماضيه هراق ، وسكون الهاء على أنها زيدت ، والماضي أهراق رواية الكتاب على الوجهين ، والتركيب من قبيل جرى النهر انتهى .

وفي التاج للبيهقي الإراقة صب المائع ، والماضي أراق وفيه لغة أخرى هراق الماء يهريقه بفتح الهاء هراقة ، والشيء مهراق بالتحريك ، والهاء على هذه اللغة بدل عن الهمزة وحكى الجوهري أهرق الماء يهرق إهراقا على أفعل يفعل إفعالا لغة ولغة أخرى أهراق يهريق إهراقة فهو مهريق ومهراق ، والهاء على هذا القول زيدت عوضا من ذهاب الحركة من نفس العين لا من ذهابها أصلا ، لأن أصل أراق أروق أو أريق فكأنهم لما نقلوا الحركة من العين فحركوا بها الفاء الساكنة ، وقلبوا العين ألفا ، فلحق الكلمة ثلاثة أنواع من التغيير جعلوا هذه الهاء عوضا من الوهن الذي لحقها ، وكذا القول في اسطاع لغة في أطاع يطيع فاعرفه ، وقال صاحب النهاية : الهاء في هراق بدل من همزة أراق ، ويقال أهراقه إهراقا فيجمع بين البدل ، والمبدل .

التالي السابق


الخدمات العلمية