( ويتمثل ) أي : بشعر غيره أيضا ( ويقول ) أي : متمثلا بقول أخي قيس طرفة بن العبد قال ذلك في قصيدته المعلقة ،
ويأتيك بالأخبار من لم تزود
بضم التاء ، وكسر الواو ، وإشباع كسرة الدال من التزويد ، وهو إعطاء الزاد ، والباء للتعدية ، وصدر البيت .ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا
.من الإبداء : وهو الإظهار هذا .
وروى الشيخ في بستانه عن أبو الليث السمرقندي عائشة رضي الله عنها أنه قيل لها ؟ قالت : كان أبغض الحديث إليه الشعر غير أنه تمثل مرة ببيت أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتمثل بالشعر أخي قيس طرفة ، فجعل آخره أوله من قوله .
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا .
ويأتيك بالأخبار من لم تزود
وكذا ذكره ابن كثير في تفسيره ; فكأنه - صلى الله عليه وسلم - تمثل بمعناه ، وأتى فيه بحق لفظه ، ومبناه ; فإن العمدة مقدمة على الفضلة ، والشاعر لضيق النظم قدم وأخر ، فلما استفهمه رضي الله عنه قال : " الصديق ما أنا بشاعر " أي : حقيقة ولا قاصد وزنه قراءة ، وإنما أردت المعنى المستفاد منه ، وهو أعم من أن يكون في قالب وزن أو بدونه ، ولكن يشكل رواية الكتاب ; فإنه بظاهره يعارض رواية الشيخ إلا أن يتكلف بأن يقال تمثل بمادته ، وجوهر حروفه دون ترتيبه الموزون أو يحمل على تعدد الواقعة التأويل على كل حال أولى من الترجيح على الصحيح .
بقي إشكال آخر ، وهو أن الظاهر المتبادر أن هذا البيت من [ ص: 42 ] كلام لا سيما على ما في نسخة : " ويتمثل بقوله " ، وقد اتفقوا على أنه من شعر ابن رواحة طرفة .
فالجواب أنه كلام برأسه ، والضمير المجرور لقائل أو لشاعر مشهور به معروف عندهم .
ثم الظاهر أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما تمثل بالمصراع الأخير ، وأنه أراد بإتيان الأخبار من غير التزويد نفسه الشريفة كما تشير إليه الآية المنفية ، وهي الكلمة المتفق عليها جملة الرسل المتقدمة ( ما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على الله ) والله أعلم .
وروي بإسناد حسن عن عائشة قالت : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الشعر قال : هو كلام حسنه حسن ، وقبيحه قبيح .
قال العلماء : معناه أن الشعر كالنثر لكن التجريد له ، والاقتصار عليه مذموم ، وعليه يحمل قوله - صلى الله عليه وسلم - .
. لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا