ففي كل شيء له شاهد . دليل على أنه واحد
ممن صار من جملة أحبابه .
ما نفع صنم أحدا مثل ما نفعني صنمي
فإني جعلته من الحيس .
لما كان لي من الكيس
.
فنفعني في زمن القحط .
ومن كان معي من الرهط
فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وقال الآخر
رأيت ثعلبا صعد فوق صنمي .
وبال على رأسه وعينيه حتى عمي
.
فقلت أرب يبول الثعلبان برأسه .
فتركت طريقة الجاهلية
، ودخلت في شريعة الإسلام هذا
[ ص: 53 ] وقال ابن حجر فيه حل مما لا فحش ، ولا خنأ فيه وإن كان مشتملا على ذكر شيء من أيام الجاهلية ، ووقائعهم في حروبهم ، ومكارمهم ويحتمل أن أشعارهم التي كانوا يتناشدونها فيها الحث على الطاعة ، وذكرهم أمور الجاهلية للندم على فعلها ، فيكون من القسم الأول الذي هو سنة لا مباح فقط لأن قاعدة أن التأسيس خير من التأكيد تؤيد أن المراد بها الإباحة ، وثمة السنة كما قررته خلافا لشارح . استماع الشعر ، وإنشاده
قلت الصواب ما شرح الله لصدر ذلك الشارح حيث حرر فعل أصحابه ، وقرر سكوته - صلى الله عليه وسلم - على مراد الشارع الفاتح لا على المباح المجرد الذي يسمى لغوا بلا فائدة دينية ، ودنيوية وعائدة أخروية ، وقد قال تعالى والذين هم عن اللغو معرضون وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقال - صلى الله عليه وسلم - .
" " . إن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه
وما الموجب لحمل ما ذكر على خلاف ما يقتضي حسن الظن بأصحابه الكرام رضي الله عنهم ، بعد تشرفهم بالإسلام لا سيما وهم في صحبة سيد الأنام مع تعدد مثل هذه القضية في الأيام .
وأما ما ذكره من القاعدة فهي معتبرة في القضية الواحدة ، وأما القضية الواقعة في الحديثين المختلفين زمانا ومكانا وراويا ، فما بعده من الاعتناء بها ، وجعل الكلام مؤسسا بسببها على أن التأسيس إذا بنينا على الأساس النفيس يوجد فيه من جهة أن الحديث الأول في شعر للشاعر ، والثاني في إنشاد شعر الغير ، وأن الأول مختص بالنظم ، والثاني أعم منه ومن النثر مع أن الفعل إذا تعدد ، وحصلت فيه المواظبة والمداومة يكون مقتضيا لعدة من أنواع السنة كما في الحديث الثاني ، وأما ما عداه من وقوع العمل مرة أو نادرا ، فهو أحق بإطلاق الإباحة كما في الحديث الأول ، وبهذا يتبين لك انعكاس القضية ; فتأمل .