( حدثنا إسحاق بن موسى ، حدثناه معن ، حدثنا مالك ، عن ) بفتح الميم وضم الموحدة ، ويفتح ( عن سعيد بن أبي سعيد المقبري أنه ) أي : أبي سلمة بن عبد الرحمن أبا سلمة ( أخبره ) أي : سعيدا ( أنه ) أي : أبا سلمة ( سأل عائشة كيف كانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان ؟ ) أي : في لياليه وقت التهجد ، فلا ينافيه زيادة ما صلاه بعد العشاء من صلاة التراويح ، ففي الصحيحين أنه - صلى الله عليه وسلم - : " " ، وفي رواية لهما : وذلك في رمضان ، قلت : وفيه دليل لأصحابنا حيث جعلوا المواظبة من أدلة الوجوب ، وقيل ; لأنه أوحي إليه بأنه لو واظب عليها معهم افترضت عليهم فأحب التخفيف عنهم ويؤيده ما في رواية : " خرج من جوف الليل ، فصلى في المسجد فصلى رجال بصلاته ، فتحدث الناس بذلك ، فاجتمع أكثر منهم فخرج في الثانية فصلوا بصلاته ، فتحدثوا بذلك فكثروا من الليلة الثالثة ، فخرج فصلوا بصلاته ، فلما كان في الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله ، فلم يخرج إليهم فطفق رجال منهم ، فما خرج إليهم حتى خرج لصلاة الفجر ، فلما قضى الفجر أقبل عليهم ثم تشهد فقال : أما بعد ، فإنه لم يخف علي شأنكم الليلة ، ولكن خشيت أن يفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها " ، قلت : ولعل الصارف من حمل الأثر على الوجوب تقييده بالبيوت ; لأن مبنى الفرائض على الإعلان كما أن مبنى النوافل على الإخفاء ، ولهذا قيل النوافل في البيت أفضل حتى من جوف حتى خشيت أن يكتب عليكم ، ولو كتب عليكم ما قمتم به فصلوا أيها الناس في بيوتكم الكعبة ، وفي رواية : " " ( فقالت : ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) ما نافية وقوله ( ليزيد ) بكسر اللام ، وهو منصوب بتقدير أن بعد لام الجحود ، وهو لام التأكيد بعد النفي لكان مثل قوله تعالى ، خشيت أن يكتب عليكم قيام هذا الشهر وما كان الله ليضيع إيمانكم فما في بعض النسخ من ضبطه بفتح اللام وضم الدال غير صحيح ، والحاصل أنه لم يكن - صلى الله عليه وسلم - يزيد ( في رمضان ولا في غيره ) أي : من الليالي المتبركة ( على إحدى عشرة ركعة ) أي : عندها فلا ينافي ما ثبت من الزيادة عند غيرها ; لأن زيادة الثقة مقبولة ، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ ، وكل يخبر عن عمله ، وبهذا يندفع ما قاله ابن حجر من أن أكثر [ ص: 91 ] الوتر إحدى عشرة ركعة على المعتمد ، وأن القول بأن ثلاث عشرة ركعة ضعيف ، هذا وقد سبق عنها أنه إذا لم يصل بالليل صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة ، وقد ثبت عند أكثر الوتر مسلم عنها أنها قالت : ، فكأنها اقتصرت الحديث هنا ، وحذفت الركعتين الخفيفتين للعلم بهما أو لعدهما شكرا للوضوء على ما قيل ، ويدل على ما ذكرنا قولها ابتداء ( يصلي أربعا ) أي : أربع ركعات ( لا تسأل ) أي : أيها السائل ، والأظهر أنه خطاب عام ، وأنه نهي ، ويحتمل أن يكون نفيا معناه نهي ( عن حسنهن ) أي : كيفية ( وطولهن ) أي : كمية فقول : " لا تسأل " كناية عن غاية الطول ، والحسن فكأنها قالت : لا تسأل عنهن من كمال الطول ، والحسن في غاية ظاهرة مغنية عن السؤال معلومة عند أرباب الحال ، ونظيره قوله تعالى : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من الليل ليصلي افتتح صلاته بركعتين خفيفتين ولا تسأل عن أصحاب الجحيم على قراءة الجزم بالنهي ، واستدل به على أفضلية تطويل القيام على تكثير الركوع ، والسجود ويؤيده خبر : " " ، وقيل الأفضل تكثير الركوع ، والسجود لخبر : " أفضل الصلاة طول القنوت " ، وقيل تطويل القيام ليلا أفضل ، وتكثير الركوع والسجود نهارا أفضل ( ثم يصلي أربعا لا تسأل عن حسنهن وطولهن ) ظاهر الحديث يدل على أن كلا من الأربع بسلام واحد ، وهو أفضل عند أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد أبي حنيفة في الملوين ، وعند صاحبيه صلاة الليل مثنى ، فينبغي أن يصلي السالك أربعا بسلام مرة وسلامين أخرى جمعا بين الروايتين ، ورعاية للمذهبين ( ثم يصلي ثلاثا ) ، وهذا أيضا يدل على أنه صلاها بسلام واحد ، ويؤيده قول مسلم بعد إيراد صلاة الليل ثم أوتر بثلاث قالت عائشة : ورواه أيضا عنها ( قلت يا رسول الله أتنام قبل أن توتر ) تعني وربما يفوت بعدم القيام بعد المنام ، وفيه إيماء إلى وجوبه ; فإنه لا يخاف إلا على فوت الواجب ( قال : يا البخاري عائشة إن عيني ) بتشديد الياء ( تنامان ولا ينام قلبي ) والمعنى أني إنما فعلت ذلك لأني لا أخشى فوت الوتر ، وهذا من خصائص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ؛ لحياة قلوبهم ، واستغراق شهود جمال الحق المطلق ، وجعل الفقهاء في معنى الأنبياء من يثق بالانتباه ، ولا يخشى فوته ، حيث أن الأفضل في حقهم تأخير الوتر لقوله - صلى الله عليه وسلم - : " " ، على ما رواه الشيخان ، اجعلوا آخر صلاتكم وترا وأبو داود عن ، وإنما فاتته صلاة الصبح ; لأن رؤية الفجر من وظائف البصر ، أو لأن القلب يسهو يقظة لمصلحة التشريع فكذا نوما . ابن عمر