الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( حدثنا أبو حفص عمرو بن علي حدثنا عبد الله بن أبي داود عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان ) بفتح فسكون ( عن ربيعة الجرشي ) بضم جيم ، وفتح راء فشين معجمة موضع باليمن ( عن عائشة قالت : كان النبي ) وفي نسخة رسول الله ( - صلى الله عليه وسلم - يتحرى ) من التحري هو طلب الحرى أو الأحرى بحسب الظن الغالب ، ومنه قوله تعالى فأولئك تحروا رشدا أي : كان يقصد ( صوم الاثنين ) بهمزة وصل أي : صوم يوم الاثنين ( والخميس ) وكذا رواه النسائي ، وتصحف الصوم باليوم على ابن حجر فقال : يوم الاثنين من إضافة المسمى إلى الاسم ، وفيه أن إضافة العام إلى الخاص ، وأن المركب منهما الاسم ، وأن إطلاق الاثنين عليه تارة مجاز ثم قال أي : صومهما فقدر المضاف بناء على وهمه في روايته ، وعلل بقوله ; لأن الأعمال تعرض فيهما كما في الحديث الآتي قريبا ، ولأن الله تعالى يغفر فيهما لكل مسلم إلا المتهاجرين رواه أحمد أي : المقاطعين لمن يحرم مقاطعته انتهى .

ولفظ الحديث قيل يا رسول الله إنك تصوم يوم الاثنين والخميس ، فقال إن يوم الاثنين والخميس يغفر الله فيهما لكل مسلم إلا المتهاجرين يقول دعهما حتى يصطلحا . رواه أحمد فتخصيص اليومين لأحد الأمرين أو لحيازة الفضيلتين ، وفي الجملة فضيلتهما من بين الأيام لا تخفى على عامة الأنام فينبغي فيهما إكثار سائر الطاعات ، وخصوص الصيام بتحريه عليه السلام ثم قال ابن حجر : واستشكل استعمال الاثنين بالياء مع قولهما إن المثنى وما ألحق به إذا جعل علما وأعرب بالحركة يلزمه الألف كما أن الجمع إذا جعل كذلك تلزمه الواو إلا ما شذ ، واستثنوا من الأول البحرين ; فإن الأكثر فيه الياء انتهى .

ويجاب بأنه يؤخذ من هذا أن الاثنين كالبحرين في ذلك ; لأن عائشة من أهل اللسان ، فيستدل بنطقها به كذلك على أن ذلك لغة فيه انتهى .

وفيه أن لفظ الاثنين هنا يحتمل أن يكون معربا بالحركة والحرف ; فإنه مجرور بالإضافة ، وهو إما أن يكون بكسر النون أو بوجود الياء ، وقد سبق أن الاثنين ليس علما بانفراده فليس كالبحرين على ما توهم والله أعلم ، وسيأتي زيادة تحقيق لهذا ، والمبحث في محله الأليق .

التالي السابق


الخدمات العلمية