الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا سفيان عن محمد بن المنكدر قال سمعت جابر بن عبد الله يقول : ما سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) أي : ما طلب ( شيئا ) أي : من أمر الدنيا ( قط فقال لا ) أي : بل إما أعطاه أو وعده إياه أو في حقه دعا الله حتى أغناه عما سواه والحديث رواه الشيخان أيضا ، والمراد : أنه لم ينطق بالرد بل إن كان عنده أعطاه وإلا يسكت كما في حديث مرسل لابن الحنفية عند ابن سعد ، ولفظه إذا سئل فأراد أن يفعل قال نعم وإذا لم يرد أن يفعل سكت كذا ذكره العسقلاني ، والظاهر أن هذا مختص بالتماس الفعل والأول مخصوص بسؤال العطاء ، ثم الأظهر أنه كان يسكت عن صريح الرد فلا ينافي ما سبق من الدعاء والوعد ، وهو المطابق لقوله تعالى وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا مثل أغناكم الله رزقنا الله وإياكم وكما هو المتعارف في زماننا يفتح الله علينا وعليكم ويبينه حديث السابق ( من سأله حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور من القول ، ولعله اقتصر هنا على نفي لا فقط بناء على الغلبة في العطاء وعدم الاكتفاء بمجرد الدعاء ، وقال عز الدين بن عبد السلام : لم يقل لا منعا للعطاء بل اعتذارا كما في قوله تعالى لا أجد ما أحملكم عليه وفرق بين هذا ، ولا أحملكم انتهى .

ولا يشكل على ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - للأشعريين لما طلبوه الحملان والله لا أحملكم ؛ لأن هذا وقع كالتأديب لهم بسؤالهم ما ليس عنده مع تحققهم ذلك بقوله " لا أجد ما أحملكم عليه " ومن ثمة حلف قطعا لطمعهم في تكلفه التحصيل بنحو قرض أو استيهاب مع عدم الاضطرار ، وهذا مجمل كلام العسقلاني وما أحسن قول الفرزدق (

ما قال لا قط إلا في تشهده لولا التشهد كانت لاءه نعم

.

التالي السابق


الخدمات العلمية