( حدثنا محمد بن أبي عمر حدثنا عن سفيان بن عيينة ( عن أبيه قال ) أي : الباقر ، وهو من التابعين فالحديث مرسل ( قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الاثنين فمكث ) بضم الكاف وفتحها أي : لبث ( ذلك اليوم وليلة الثلاثاء ) بالمد وزيد في بعض النسخ بعده ويوم الثلاثاء ( ودفن من الليل ) أي : بعض أجزائه ليلة الأربعاء قال في جامع الأصول دفن ليلة الأربعاء وسط الليل ، وقيل ليلة الثلاثاء ، وقيل يوم الثلاثاء والأول أكثر انتهى ، ( قال جعفر بن محمد ) وهو الصادق ابن الباقر سفيان ) وفي نسخة : وقال سفيان ( وقال غيره ) أي : غير ( يسمع ) بصيغة المجهول ( صوت المساحي ) المستعملة في حثي التراب ، وهي بفتح الميم وكسر الحاء المهملة جمع مسحاة ، وهي كالمجرفة إلا أنها من حديد على ما في الصحاح ، وفي النهاية أن الميم زائدة ؛ لأنه من السحو بمعنى الكشف والإزالة ( من آخر الليل ) وهو لا ينافي ما في الجامع من أنه وسط الليل ؛ لأن المراد بالوسط الجوف أو كان الابتداء من الوسط وانتهى ، إلى آخر الليل ففي الجملة بيان [ ص: 264 ] لإجمال رواية محمد الباقر ، ثم الوجه في تأخير تكفينه وتدفينه مع أنه استحب تعجيله إلا أن يموت فجأة فيترك حتى يتيقن موته الباقر لقوله - صلى الله عليه وسلم - لأهل بيت أخروا دفن ميتهم ، عجلوا دفن ميتكم ، ولا تؤخروه أنه كان الناس أميين لم يكن فيهم نبي قبله .
كما سيجيء في حديث سالم بن عبيد فلما وقعت هذه المصيبة العظمى والبلية الكبرى وقع كأنهم أجساد بلا أرواح وأجسام بلا عقول حتى إن منهم من صار عاجزا عن النطق ومنهم من صار ضعيفا نحيفا وبعضهم صار مدهوشا وشك بعضهم في موته وكان محل الخوف عن هجوم الكفار وتوهم وقوع المخالفة في أمر الخلافة بين الأبرار فاشتغلوا بالأمر الأهم ، وهو البيعة لما يترتب على تأخيرها من الفتنة وليكون لهم إمام يرجعون إليه فيما ظهر لهم من القضية فنظروا في الأمر فبايعوا الاضطراب بين الأصحاب أبا بكر ، ثم بايعوه بالغد بيعة أخرى وكشف الله به الكربة من أهل الردة ، ثم رجعوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فغسلوه وصلوا عليه ودفنوه بملاحظة رأي ، والله ولي التوفيق . الصديق