المسألة الثانية : المرض عبارة عن عدم اختصاص جميع أعضاء الحي بالحالة المقتضية لصدور أفعاله سليمة سلامة تليق به ، واختلفوا في المرض المبيح للفطر  على ثلاثة أقوال : 
أحدها : أن أي مريض كان ، وأي مسافر كان ، فله أن يترخص تنزيلا للفظه المطلق على أقل أحواله ، وهذا قول الحسن  وابن سيرين  ، يروى أنهم دخلوا على ابن سيرين  في رمضان وهو يأكل ، فاعتل بوجع أصبعه . 
وثانيها : أن هذه الرخصة مختصة بالمريض الذي لو صام لوقع في مشقة وجهد ، وبالمسافر الذي يكون كذلك ، وهذا قول الأصم  ، وحاصله تنزيل اللفظ المطلق على أكمل الأحوال . 
وثالثها : وهو قول أكثر الفقهاء : أن المرض المبيح للفطر هو الذي يؤدي إلى ضرر النفس أو زيادة في العلة ، إذ لا فرق في الفعل بين ما يخاف منه وبين ما يؤدي إلى ما يخاف منه كالمحموم إذا خاف أنه لو صام تشتد حماه ، وصاحب وجع العين يخاف إن صام أن يشتد وجع عينه ، قالوا : وكيف يمكن أن يقال : كل مرض مرخص مع علمنا أن في الأمراض ما ينقصه الصوم ،   [ ص: 64 ] فالمراد إذن منه ما يؤثر الصوم في تقويته ، ثم تأثيره في الأمر اليسير لا عبرة به ؛ لأن ذلك قد يحصل فيمن ليس بمريض أيضا ، فإذن يجب في تأثيره ما ذكرناه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					