الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            وأما قوله تعالى : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) ففيه مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : نقل الواحدي - رحمه الله - في " البسيط " عن الأخفش والمازني أنهما قالا : الفاء في قوله : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) زائدة ، قالا : وذلك لأن الفاء قد تدخل للعطف أو للجزاء أو تكون زائدة ، وليس للعطف . والجزاء ههنا وجه ، ومن زيادة الفاء قوله تعالى : ( قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب ) [ الجمعة : 8 ] .

                                                                                                                                                                                                                                            وأقول : يمكن أن يقال الفاء ههنا للجزاء فإنه تعالى لما بين كون رمضان مختصا بالفضيلة العظيمة التي لا يشاركه سائر الشهور فيها ، فبين أن اختصاصه بتلك الفضيلة يناسب اختصاصه بهذه العبادة ، ولولا ذلك لما كان لتقديم بيان تلك الفضيلة ههنا وجه كأنه قيل : لما علم اختصاص هذا الشهر بهذه الفضيلة فأنتم أيضا خصوه بهذه العبادة ، أما قوله تعالى : ( فإنه ملاقيكم ) [ الجمعة : 8 ] ، الفاء فيه غير زائدة وأيضا بل هذا من باب مقابلة الضد بالضد كأنه قيل : لما فروا من الموت فجزاؤهم أن يقرب الموت منهم ليعلموا أنه لا يغني الحذر عن القدر .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية