مرحلة المرونة والتظاهر بالتعاون
لم تغير السلطات الاستعمارية موقفها العدائي للإسلام، وإنما حورت تكتيكها كما قال
" فروليش " : " منذ بدخولنا -طبقنا سياسة الرفق،بعد ملاحظة أن أعداءنا كلهم تقريبا من المسلمين " ، ولكن [ ص: 91 ] كانت الإدارة الأجنبية مضطرة إلى الليونة لحاجتها إلى خدمات المسلمين في إدارة مستعمراتها؛ لأن الإداريين العسكريين الذين كانوا في شمالي أفريقيا سابقا يجدون سهولة في التعامل مع المسلمين بينما يلاقون نفورا طبيعيا مع الأرواحيين؛ من أجل ذلك يقول ( فروليش ) : " بحثنا عن زعماء لديهم لمساعدة أعمالنا الإدارية فلم نجد -بسبب الاستحالة- سوى مسلمين؛ فاضطررنا إلى الاعتراف بهم في المجتمعات التقليدية غير الإسلامية " .
وظلت معاملة الاستعمار للمسلمين متأرجحة بين الصعود والهبوط، بين القسوة والليونة، تبعا لسياسة الحكومات الفرنسية المتباينة وشخصية الحكام العامين الذين يديرون البلاد.
ففي بداية الاستعمار، كما يقول (فروليش ) ، كانت العلاقة بين الإسلامي والاستعمار في السنغال تتسم بالعنف الشديد والعداوة المستحكمة المتبادلة بين الطرفين، ولم تنجل غيوم الصراع المسلح بينهما إلا في مستهل القرن العشرين، وكان من جملة من حمل المستعمر السلاح ضدهم الحاج عمر الفوتي والشيخ ماباجاخو ، وفودي كبا ، وأحمد الشيخ ، ومحمد الأمين درامي وعشرات غيرهم ممن فازوا بشرف الاستشهاد، إلى جانب أعداد وافرة من المسلمين كان نصيبهم النفي خارج السنغال لسنين طويلة، أو التنكيل بهم.