الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

المسلمون في السنغال (معالم الحاضر وآفاق المستقبل)

عبد القادر محمد سيلا

منظمـات المستعـربين

بمقتضى قانون صدر سنة 1901م، رخصت الإدارة الفرنسية -في إطار محدود- للمسلمين بتأسيس جمعيات ثقافية إسلامية، وتعتبر الجمعية الثقافية التي تأسست سنة 1930م بمدينة " سانت لويس " السنغالية أولى هـذه المنظمات الإسلامية بالسنغال، إلا أننا نجهل الشيء الكثير عنها، مما يحمل على الاعتقاد أنها لم تتح لها فرصة لتقوم بدورها، ولا غرو في ذلك، فقد كانت القوانين الصارمة لها بالمرصاد.

ثم ظهرت سنة 1937م جمعية " لواء تآخي المسلم الصالح " وهي جمعية إسلامية تهدف -حسب أحد بياناتها- إلى " العودة بالإسلام إلى سالف عهده، سواء فيما يتعلق بشكله أو بجوهره، وبعبارة أخرى: ممارسته كما كان يمارس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم " [1] وفي الحقيقة لم تنجح أية جمعية إسلامية -في ظل الاستعمار- في إنجاز هـدف من أهداف الإسلام في البلاد، ولا عرفت حياة طبيعية إلا حينما وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، حيث اضطر المستعمر إلى التخفيف من غلواء ضغطه واستبداده، بعد أن شعرت الشعوب المستعمرة بالظلم والحيف، وهي صاحبة دور خطير في تحرير البلد من المستعمر. [ ص: 156 ]

وإلى جانب تعرية الاستعمار وفضحه، كانت الجمعيات الإسلامية ترمي إلى نهضة حقيقية للإسلام، وذلك بنفض غبار الماضي عنه، وبث صحوة شاملة للمجتمع الإسلامي عن طريق نشر تعاليم الدين السليمة والبعيدة عن الخرافات والترهات والأضاليل والأباطيل .

وكان يعتقد عدد من قادة المنظمات الإسلامية ألا أمل ولا جدوى في التفكير في تغيير أوضاع المجتمع الإسلامي السنغالي قبل العمل لتصحيح المعتقدات، والعودة إلى الإسلام المصفى من الشوائب عن طريق دراسة مصادره الموثوق بها، وجاء بهذا الخصوص في ديباجة ميثاق الاتحاد الوطني للجمعيات الثقافية الإسلامية بالسنغال: " يعتبر -أي: تأسيس الاتحاد- انتصارا كبيرا في ميدان الكفاح من أجل تقدم الإسلام في أفريقيا السوداء، وما الاتحاد إلا استجابة صادقة لرغبات المسلمين الذين علمتهم الأيام أن تكتل مسلمي السنغال واجب أكيد، وضرورة قصوى أمام الأخطار المتمثلة في الخلافات الطائفية، والنزاعات الشخصية، والتنافس بين الزعامات لحب الظهور " .

ومن خلال هـذه الديباجة نستشف ما يعانيه المجتمع الإسلامي في السنغال من جهة، وما ينتظر من المنظمات والهيئات الإسلامية من جهود من جهة ثانية من أجل تحقيق:

· انبعاث حركة الإسلام بعد عهود طويلة من الخمول والجمود .

· لم شتات المسلمين، ورأب صدوعهم، وتقريب الزعماء بعضهم من بعض، وإماتة النزاعات الطائفية.

· محاربة المشاحنات والتنافس البغيض على رئاسة الهيئات الإسلامية.

· معارضة أولئك المصابين بمركب الظهور ...

فهذه هـي الصراعات التي تنخر الزعامات الإسلامية في السنغال التابعة [ ص: 157 ] للمستعربين، وتجدر الإشارة إلى أن بعض الجمعيات الإسلامية تضم المستعربين ومن يتعاطف معهم، بينما لا يمثل بعضها الآخر سوى (دوائر ) تابعة للزعامات الصوفية، وبعضها ليس إلا تجسيما لنشاط فردي بحيث لا يجمع سوى بضعة أنفار غير قادرين على القيام بأي مهام [2] .

التالي السابق


الخدمات العلمية