الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
الشيخ مابا جاخو با (1809 - 1867م)

قامت حركة - أو على الأصح ثورة [1] -الشيخ مابا جاخوبا في منتصف القرن التاسع عشر كرد فعل لتصاعد تعسف " تيدو " ضد مواطنيهم؛ وكان الشيخ مابا قد التقى بالحاج عمر الفوتي سنة 1848م الذي توسم فيه خيرا، وبشره قائلا: " ستصبح في مستقبل قريب -بإذن الله- من المجاهدين، وستكون وبالا على كفرة المشرق والمغرب؛ أعلن الجهاد ولتكن " سين " آخر هـدف لك؛ لأن " سيرير سين " وإن كانوا وثنيين [ ص: 79 ] فإنهم شرفاء ونشطون، لذلك فهم يستحقون الاحترام " [2] إن هـذا التصريح المنسوب إلى الحاج عمر الفوتي يفند افتراءات أولئك الذين يزعمون أن حركة الشيخ مابا وأمثالها قامت أساسا على استفزاز وعدوان مبيت ضد أتباع الأرواحية ، بل هـو تأكيد صادق وتعليل موضوعي لأسباب تلك الانتفاضات الإسلامية، فهي لم تقم إلا لمقاومة الفساد والظلم لا لقهر النزهاء والعاملين مهما كانت عقيدتهم.

ولدى استقراء الوضع السائد في " سالوم وكاجور وباديبو " يظهر جليا تدني الأمن العام وتعاسة " بادولو " الأمر الذي جعل قيام حركة مابا جاخو حتمية لا مفر منها لرفع الظلم. ولتحقيق النجاح لمثل تلك الحركة لا بد من توفر حد أدني من الوحدة، وقيادة سياسية قوية وحكيمة، وشاء الله تعالى أن اجتمع ذلك كله في شخص الشيخ مابا، فاستطاع أن يقطع شوطا بعيدا في توحيد أقاليم " ريب " و " سالوم " و " باديبو " وأوشك أن يضم " سين " إلى مملكته لولا أن تصدت له القوى الاستعمارية تحت ستار " كومبا أندفين جوف فماك " فوضعت حدا للمد الإسلامي سنة 1867م في معركة مشهورة باسم معركة " صومب " [3] حيث استشهد الشيخ مابا جاخوبا ؛ لكن حركته لم تخمد بوفاته إذ حمل لواءها أخوه ونجله من بعده. [ ص: 80 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية