الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

المسلمون في السنغال (معالم الحاضر وآفاق المستقبل)

عبد القادر محمد سيلا

حركـة الفـلاح

للثقافة الإسلامية السلفية بالسنغال

تأسست حركة الفلاح منذ الخمسينيات تحت أسماء مختلفة لظروف اقتضت ذلك، وكان يتزعمها الحاج محمود با ، وكلمة الفلاح مأخوذة من اسم مدرسة كانت بمكة المكرمة [1] سبق أن درس فيها الحاج محمود نفسه.

رغم جهود المؤسسين الأوائل لم تتطور الحركة تطورا ملموسا إلا بعد انخراط بعض كبار التجار فيها، ولذلك تعتبر سنة 1975م ميلادا جديدا لها حيث خرجت من طور الاختفاء إلى العمل العلني، وكانت خلال حقبة من الزمن لا تتورع عن استعمال أساليب الهجوم العنيف على الشيوخ ومؤسساتهم، وكان هـؤلاء يناصبونها العداء، ويغرون بها السلطات، وحدث عدة مرات أن حرم أعضاؤها من تنظيم الأحاديث الدينية في المساجد أو حتى الإقامة في بلد ما، ثم طوت الحركة صفحة المجابهة المباشرة مع ممثلي الطرق الصوفية لتنتهج مسلكا جديدا يتسم بالتخفيف من حدة الهجوم، ويجعل من أولوياته تكوين النشء [ ص: 164 ] الإسلامي.

ويبدو أن كلمة السلفية أضيفت إلى التسمية الأصلية إثر اتصال بينها وبين جمعية إحياء التراث الإسلامي الكويتية التي تقوم بمدها بمساعدات جوهرية، مكنتها من فتح أكثر من عشرة مراكز إسلامية، يتكون كل مركز من مسجد جامع ومدرسة تضم أكثر من ستة فصول، وهذه المراكز منتشرة في مختلف أنحاء جمهورية السنغال .

تتشكل حركة الفلاح من أجهزة متعددة، هـي:

· المجلس الوطني الذي يجتمع مبدئيا كل ثلاثة أشهر، ويتكون من اثنين وسبعين عضوا؛ منتخبين أثناء دوراته بعد ترشيحهم من قبل الفروع الثانوية.

· المكتب الوطني، وهو الجهاز التنفيذي للمنظمة، ويتكون من واحد وعشرين عضوا، على رأسه رئيس مسؤول أمام المجلس الوطني.

· يوجد في كل أقاليم السنغال فروع للحركة، ولكل فرع مكتب إقليمي؛ ويعتبر مجلس الشباب من أهم تنظيمات حركة الفلاح.

وتملك الحركة مسجدا جامعا كبيرا بمدينة داكار حيث مقرها الرسمي، وبجانبه مدرسة رحبة تتسع لأكثر من ألف تلميذ، وعندما تنتهي ستضم السلك الابتدائي والإعدادي والثانوي.

ورغم الإمكانات المتوفرة لدى الحركة -بالقياس إلى غيرها- فإنها لم تظهر فعالية ذات شأن في ميادين التربية والتعليم، كما لا تتمتع بإدارة سليمة من حيث التنظيم والتنسيق، فهي إدارة لا ضوابط لها، الأمر الذي جعل مردود نشاطها زهيدا بالقياس إلى ما ينتظر منها؛ وقد يكون السبب في هـذا التدني في المردود: اعتمادها أكثر فأكثر على مسؤولين ذوي [ ص: 165 ] خبرة -لا شك- في دنيا التجارة والنشاطات المالية، لكنهم غير متوفرين على شروط قيادة منظمة إسلامية تنهض أساسا بنشاطات تعليمية وثقافية وفكرية وعلمية وإرشادية ... . وقد ساهم هـؤلاء المسئولون غير المهيئين فكريا في زرع الفوضى في سير المنظمة، والتخبط في عملها، وضآلة نتائج تحركاتها في الساحة الإسلامية في السنغال.

لا شك أن تنحية العناصر المتعلمة والمتنورة من شأنه أن يعرقل مسيرة الحركة؛ ولا يشك أحد من أعضائها أن الجماعة التي تتخذ القرارات تبذل الجهد لتوفير المال اللازم لكنها بعيدة كل البعد عن التفكير العقلاني المنظم، لذلك يبدو أنه مهما كانت أهمية توفير المال باسم الحركة فإن إبعاد العناصر الصالحة المثقفة عن مركز إصدار القرارات يكون على المدى البعيد وبالا على مستقبل حركة الفلاح.

لم نتعرض في هـذا الفصل إلا لعدد قليل من الجمعيات الإسلامية الموجودة في السنغال، وذلك لأن باعثنا هـو إعطاء فكرة عامة عن سير هـذه المنظمات دون التأريخ لها.

على أنه لا مندوحة من ذكر نشاطات تعليمية لا تنضوي تحت منظمات المتعربين الآنفة الذكر، لكنها حركات مهمة؛ يقوم بهذه النشاطات بعض المشايخ؛ من ذلك: مدارس الشيخ " أحمد إمباكي " بمدينة ( جوربيل ) ، ومدارس الشيخ " إبراهيم إنياس " بمدينة ( كولخ ) ، كما أن الشيخ " مرتضى إمباكي " يقوم بمجهود مشكور ببناء المدارس، وتستحق مدرسة (كوكي ) القرآنية التابعة للشيخ " أحمد الصغير لو " كل تنويه حيث تخرج كل سنة عددا كبيرا من " حملة كتاب الله تعالى " ، وتعتبر بجدارة المدرسة القرآنية النموذجية الوحيدة في السنغال. [ ص: 166 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية