المنح الدراسية وحاجات المسلمين
** في الحقيقة، لقد أصبح للرابطة عمر الآن في العالم الإسلامي، ونحن لا نبخسها حقها فيما قدمت في إطار العالم الإسلامي، لكن الإنسان يطمع بأن تبدأ في إخضاع القضايا للون من التخطيط والدراسة البعيدة، ويمكنالآن أن ننتقل لنقطة أخرى في الحوار.. لا شك بأن الرابطة تعمل للحصول على منح دراسية للطلبة من جامعات العالم الإسلامي، فهل تخضع هـذه المنح لنوع من الدراسة، يتم بموجبها اختيار مجالات معينة تسد حاجات قائمة في المجتمعات الإسلامية، وتتحكم في اختيار الطالب؟ ففي مجال الأقليات مثلا، قد تختلف طبيعة المنح المطلوبة عنها في بلاد أخرى بالعالم الإسلامي عنها في البلاد العربية.. فهل توجد سياسة معينة لطلب المنح من الجامعات، وتحديد نوعيتها على [ ص: 95 ] ضوء الحاجات الفعلية؟ وهل توجد لجنة مختصة بهذا الإطار ضمن أجهزة الرابطة؟
هناك بالفعل لجنة مختصة بالمنح، تستكمل أولا إجراءات الاستفسار عن الطلاب والتأكد من أخلاقهم ومن سلوكهم ومن حاجة مجتمعاتهم، ولما توضع خطة تعبر عن احتياجات العالم الإسلامي من الطاقات البشرية، لكن ما نقوم به في حدود اجتهادنا، فنحن الآن مثلا لا نعطي منحا دراسية لدراسة الأدب أو التاريخ.. اجتهادا منا بأن العالم الإسلامي ليس بحاجة ملحة لهذه التخصصات، بينما نعطي منحا لدراسة العلوم الشرعية؛ لأني أعتقد أن هـذا واجبنا الأساسي، ودراسة الطب والهندسة والتخصصات التي نرى أن مجتمعاتنا الإسلامية بحاجة إليها، فالمجتمعات الإسلامية في أفريقيا قد لا يوجد ببعضها طبيب واحد من أهل البلد نفسه، وإنما هـناك أجانب، وغالبا ما يكونون تابعين للكنيسة، فنحاول أن نغطي هـذا الجانب اجتهادا، وأعتقد أننا ربما نحتاج لوقت طويل قبل التأكد من حاجة كل المجتمعات الإسلامية، ولعل الدراسات والتقارير التي نحن الآن بصدد تبوبيها وصياغتها في خطة - كما ذكرنا - تبين الحاجات الحقيقية المطلوبة للمسلمين.
الذي أقصده هـو أن تكون عندنا خطة تقضي بتوزيع المنح حسب حاجات العالم الإسلامي، وتوزع الاختصاصات أيضا على ضوء حاجات العالم الإسلامي، فقد نقبل بمنحة في أفريقيا لا نقبلها مثلا في منطقة أخرى مثل آسيا أو لا نقبلها في أوروبا ، فالتوزيع يأتي ثمرة لدراسة سابقة.. حيث يتم اختيار الطالب ونوعيته واختيار دراسته أيضا؛ لأن دراسته أصلا ذات أهمية وقيمة مستقبلا في تحقيق الأهداف التي نسعى إلى تحقيقها في مجتمعه..
** في الواقع هـذه القضية تحتاج إلى علاج من عدة جوانب، أو لها ما هـو معروف من أن معظم الطلاب - إن لم نقل كلهم - يسعى للحصول على "الشهادة" بأي ثمن، ولا يفكر فيما وراء ذلك.. هـذا هـو مرض النظام التعليمي في العالم الإسلامي ككل، ولكن إذا اعتبرنا أن الرابطة - كمؤسسة - رائدة وقادرة على استيعاب مشكلة العالم الإسلامي والمساهمة بوضع حلول لها متقدمة، يمكن أن نخلص نظام التعليم من المشكلات التي تعاني منها.. [ ص: 96 ]
هذه في الحقيقة قضية هـامة لا بد من اتخاذ خطوات في شأنها إن شاء الله.