الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  الإخلاص والاختصاص

                  ** القضية الأولى التي نود أن نسمع فيها رأيا، هـي: أن كثيرا من المؤسسات الإسلامية الموجودة في العالم الإسلامي الآن لا تخلو من أهل الغيرة والإخلاص والإحساس بقضايا العالم الإسلامي، لكن من جانب آخر، نرى أنها تفتقر لأهل الاختصاص، وتاريخيا نلحظ أن أهل الغيرة ليسوا بالضرورة من أهل الاختصاص وأصحاب الخبرات القادرين على الإدارة والتخطيط والمتابعة، فقد نجد إنسانا عنده من الإخلاص ومن الغيرة على قضايا العالم الإسلامي الشيء الكثير، لكنه عاجز عن قضايا التخطيط والإدارة والمتابعة وما إلى ذلك، ويمكن أن نلمح هـذا في معظم مؤسسات العالم الإسلامي، وقد يعزى إلى ذلك كثير من التعثر والارتباك الذي تعاني منه هـذه المؤسسات، فما رأيكم في هـذه القضية؟ وهل وضعت الرابطة في اعتبارها أن تجمع بين عنصر الغيرة وعنصر الاختصاص في مواجهة قضايا العالم الإسلامية؟

                  في الحقيقة، لا بد لأي جهاز يعمل للإسلام من الغيرة على قضايا العالم الإسلامي، والإحساس بها، والإخلاص لها، وإن كانت قضية الإخلاص قضية بين الإنسان وربه، أما الناس فترصد نتائج العمل..

                  وبالنسبة للجهاز الإداري في المركز الرئيس للرابطة فهناك بعض الأشخاص الذين تم [ ص: 92 ] الاستغناء عنهم؛ لأنهم تجاوزوا السن وقل عطاؤهم، ولا بد أن يرتاحوا، لكن الباقين الموجودين لابد لنا من عمل دورات تدريبية لهم أثناء العمل حتى نتبين المخلص منهم، ونتبين الذي يريد أن يعمل ويقدر على العمل، والذي تنقصه بعض القدرة، فقد لا يكون بعضهم مجيدا في عمله، فتوفر لهم بقدر الإمكان هـذه التدريبات، فإذا ثبت أن عطاءهم قد تحسن مستواه يستمرون في عملهم.

                  أما النوع الثاني، فيمكن أن يستغنى عنه أو يبحث له عن عمل آخر.. وفي الوقت نفسه لا بد من تطعيم الجهاز الإداري - وهذا ما بدأت فيه بالفعل - بعناصر نأمل منها الإخلاص لله تعالى وحب العمل والتفاني فيه، وهذا النوع من الناس على العموم قلة.. وقد عملنا في اتجاهين - في الحقيقة - ولكن لما تتبلور المسألة بعد لأن الفترة التي مرت منذ بدء عملي والاضطلاع بمسئوليات أمانة الرابطة فترة وجيزة.

                  ** ألا ترون بأنه يمكن الاستفادة من الخبرات، دون أن تكون موظفة في الرابطة، بمعنى أن يتم تشكيل لجان فنية - إن صح التعبير - أو تخصصية، في قضايا معينة من عناصر من العالم الإسلامي، يمكن أن تكون لها لقاءات دورية - كلجان استشارية - بحيث تمتلك هـذه العناصر قدرات فنية؛ لأن كثيرا من مؤسسات العالم الإسلامي تعاني في الحقيقة من عدم وجود الإنسان المتخصص؟

                  طبعا المسألة واضحة وممكنة.. وأنا في الحقيقة ضد فكرة تضخيم أي جهاز من الأجهزة، فكلما تضخم الجهاز كلما كثرت مشاكله وقل عطاؤه، وإنما المهم هـنا هـو البحث عن النوعيات التي تقوم بالأعمال وتنجزها بسرعة وإتقان رغم قلة العدد، وهذه الخطة هـي المفضلة عندي، والرابطة تعتمد - بعد الله عز وجل - على المنظمات الإسلامية في العالم الإسلامي لأداء أعمالها، فبدل أن تقوم بتضخيم جهازها وزيادة عدد المبعوثين وعدد المكاتب تستفيد من الخبرات والإمكانات المتاحة في العالم في قضاء مسألة أو التعاون على إنجاز مشروع أو عمل دراسة معينة.. هـذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فإن لدى الرابطة الآن لجانا استشارية دائمة ومؤقتة من أساتذة الجامعات ومن العاملين للإسلام ومن العلماء والمفكرين، وأعتقد أنهم هـم المسئولون عن جانب التخطيط ووضع التصورات، وأيضا عمل الدراسات على ما يرد الرابطة من تقارير وأبحاث، كما يقومون بإنجاز وتنفيذ بعض [ ص: 93 ] الأمور.. كلجنة تنفيذية لأداء واجب من الواجبات أو دراسة مشكلة من المشاكل.. أنا معك في هـذا مائة بالمائة، فلا بد للرابطة أن تستعين بالناس وهم في مواقعهم؛ لأن حرمان أي موقع من رجل مخلص ومنجز للعمل هـو أيضا مشكلة كبيرة، ونحن لا نريد أن نعطل المؤسسات الأخرى العاملة.

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية