الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  حيثيات تاريخية

                  ** هـل تركز الصحوة على دعامات من الماضي والحاضر بما يضمن تحقيق أهداف المستقبل؟

                  ** الصحوة كما أراها حاليا ، لها عدة حيثيات تاريخية، منها :

                  غيبة القصور في التجربة التاريخية الإسلامية

                  الإسلام هـو القاسم المشترك الوحيد للأمة. [ ص: 70 ]

                  استزاف البدائل المعاصرة.

                  وبالنسبة للحيثية الأولى، فإن القصور يعني الإدانة.. إذ من المستحيل القول بأن التجربة التاريخية الإسلامية كانت تجربة فاشلة.. قد يقول الخصم بأن المسلمين ليس لديهم في الوقت الحاضر إلا التغني بأجدادهم، وهذا في الحقيقة اعتراف بأنه كانت للمسلمين فترة عبقرية وعطاء أفرزت أسماء خالدة لا تزال تذكر إلى الآن في قاعات الأكاديميات في العالم كله..

                  والتجربة التاريخية الإسلامية ليست كالتجربة التاريخية الوسيطة الميتافيزيقية في الغرب التي كانت فاشلة، والغربيون الآن لا يريدون العودة إليها مطلقا.. ولكنها ـ أي التجربة الإسلامية ـ كانت تجربة عمرانية علمية فلسفية.. وخذ مثالا على ذلك الرحلات والرحالة المسلمين.. لقد توصلت من خلال مراجعات أخيرة الى أن أساس تعرف الروس وجانب من سكانشمالي أوروبا على تاريخهم الوسيط يعود لمصدر إسلامي ؛ الرحالة المسلم " ابن فضلان " الذي كان سفيرا لأحد الخلفاء العباسيين، وإن كان هـناك من يقول بأنه ضل الطريق فذهب إلى تلك المناطق وقدم صورة وصفية لحياة شعوبها في أفراحهم وأحزانهم وحروبهم ومناخهم...إلخ.. ويكتب كتابا ترجم إلى اللغة الروسية، يعتبر الآن الوثيقة التاريخية الأكثر تأصيلا ومصداقية وصلاحية، ولا يمكن لمن يريد أن يغوص في الجذور التاريخية لتلك الشعوب إلا أن يعود إلى ما كتبه " ابن فضلان " .

                  ولهذا فإن الصحوة الإسلامية حين تطالب بالحضورية على الساحة، فذلك لأنها مستمدة من تجربة تاريخية لم تكن فاشلة.. ولابد من التأكيد على أن المسلم لم يستبعد من ساحة المواجهة والتصدي إلا حينما استبعد هـو الإسلام من قلبه.

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية