وإذا حلف ليفعلن كذا ، ولم يوقت  لذلك وقتا فهو على يمينه حتى يهلك ذلك الشيء الذي حلف عليه ، فيلزمه الكفارة حينئذ . واعلم أن اليمين ثلاثة أنواع : مؤبدة لفظا ومعنى بأن يقول : والله لا أفعل كذا أبدا ، أو يقول : لا أفعل مطلقا  والمطلق فيما يتأبد يقتضي التأييد كالبيع ، ومؤقتة لفظا ومعنى بأن يقول : لا أفعل كذا اليوم  ، فيتوقت اليمين بذلك الوقت ; لأن موجبه الحظر أو الإيجاب ، وذلك يحتمل التوقيت فيتوقت بتوقيته ، ومؤبد لفظا مؤقت معنى كيمين الفور إذا قال : تعال تغد معي . فقال : والله لا أتغدى  يتوقت يمينه بذلك الغداء المدعو إليه ، وهذا النوع من اليمين سبق به  أبو حنيفة  رحمه الله تعالى ، ولم يسبق به ، وأخذه من حديث  جابر بن عبد الله  وابنه حين دعيا إلى نصرة إنسان ، فحلفا أن لا ينصراه ، ثم نصراه بعد ذلك ، ولم يحنثا وبناه على ما عرف من مقصود الحالف وهو الأصل في الشرع أن يبتني الكلام على ما هو معلوم من مقصود المتكلم ، قال الله تعالى {واستفزز من استطعت منهم بصوتك    } ، والمراد الإمكان والإقدار لاستحالة الأمر بالشرك والمعصية من الله تعالى ثم الكفارة لا تجب إلا بعد فوات البر في اليمين المطلقة ، وإنما يفوت البر بهلاك ذلك الشيء الذي حلف عليه ، أو بموت الحالف ، وأما في اليمين المؤقتة ففوت البر بمضي الوقت مع بقاء ذلك الشيء الذي حلف عليه ، ومع بقاء الحالف ، وأما إذا كان الحالف قد مات قبل مضي ذلك الوقت  لا تجب الكفارة ، وإذا هلك ذلك الشيء ففيه اختلاف بين  أبي حنيفة   وأبي يوسف  رحمهم الله تعالى نبينه في موضعه إن شاء الله تعالى . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					