الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإن كاتبها على ألف درهم إلى العطاء أو الدياس أو إلى الحصاد أو إلى نحو ذلك مما لا يعرف من الأجل جاز ذلك استحسانا ، وفي القياس لا يجوز ; لأن عقد الكتابة لا يصح إلا بتسمية البدل كالبيع وهذه الآجال المجهولة إذا شرطت في أصل البيع فسد بها العقد فكذلك الكتابة ولكنه استحسن ، فقال الكتابة فيما يرجع إلى البدل بمنزلة العقود المبنية على التوسع في البدل كالنكاح ، والخلع ومثل هذه الجهالة في الأجل لا يمنع صحة التسمية في الصداق فكذلك في الكتابة وهذا ; لأن الجهالة المستدركة في الأجل نظير الجهالة المستدركة في البدل ، وهو جهالة الصفة بعد تسمية الجنس فكما لا يمنع ذلك صحة التسمية في الكتابة فكذلك هذا ، فإن تأخر العطاء فإنه يحل المال إذا جاء أجل العطاء في مثل ذلك الوقت الذي يخرج فيه ; لأن المقصود وقت العطاء لا عينه فإن الآجال تقدر بالأوقات . ولها أن تعجل المال وتعتق ; لأن الأجل حقها فيسقط بإسقاطها ولها في هذا التعجيل منفعة أيضا ، وهو وصولها إلى شرف الحرية في الحال ولو كاتبها على ميتة فولدت ولدا ، ثم أعتق السيد الأم لم يعتق ولدها معها ; لأن أصل العقد لم يكن منعقدا فإن الكتابة لا تنعقد إلا بتسمية [ ص: 11 ] مال متقوم ، والميتة ليست بمال متقوم ، ألا ترى أن البيع به لا ينعقد حتى لا يملك المشتري المبيع بالقبض فكذلك الكتابة ، وإذا لغي العقد يبقى إعتاق الأم بعد انفصال الولد عنها فلا يوجب ذلك عتق ولدها بخلاف ما إذا كاتبها على ألف درهم مكاتبة فاسدة فولدت ولدا ، ثم أعتق السيد الأم عتق ولدها معها ; لأن العقد هناك منعقد مع الفساد فثبت حكمه في الولد اعتبارا للفاسد بالجائز ، ثم عتق الأم بإعتاق السيد إياها بمنزلة عتقها بأداء البدل فيعتق ولدها معها .

التالي السابق


الخدمات العلمية