ولو فهو يمين . قال قال : وأيم الله رحمه الله تعالى : ومعناه أيمن فهو جمع اليمين ، وهذا مذهب نحويي محمد الكوفة ، وأما البصريون يقولون : معناه والله وأيم صلته كقولهم صه ومه ، وما شاكله ، وكذلك لو فهو يمين باعتبار النص . قال الله تعالى { قال : لعمرو الله : لعمرك } ، والعمرو هو البقاء ، والبقاء من صفات الذات ، فكأنه قال : والله الباقي ، وأما الحلف بالصفات فالعراقيون من مشايخنا رحمهم الله تعالى يقولون والعزة [ ص: 133 ] والجلال والكبرياء يمين : الحلف بصفات الذات كالقدرة والعظمة لا يكون يمينا ، ولو قالوا : صفات الذات ما لا يجوز أن يوصف بضده كالقدرة ، وصفات الفعل ما يجوز أن يوصف بضده ، يقال : رحم فلان ، ولم يرحم فلان ، وغضب على فلان ، ورضي عن فلان . قالوا : وعلى هذا ينبغي في القياس في ، والحلف بصفات الفعل كالرحمة والغضب أن يكون يمينا ; لأنه من صفات الذات ، فإنه لا يوصف بضد العلم ، ولكنهم تركوا هذا القياس ; لأن العلم يذكر بمعنى المعلوم كقول الرجل في دعائه : اللهم اغفر لنا علمك فينا أي معلومك ، ويقال : علم قوله وعلم الله رحمه الله تعالى أي معلومه ، والمعلوم غير الله . أبي حنيفة
( فإن قيل ) : وقد يقال أيضا : انظر إلى قدرة الله ، والمراد المقدور ، ثم قوله وقدرة الله يمين . ( قلنا ) : معنى قوله انظر إلى قدرة الله تعالى أي إلى أثر قدرة الله تعالى ولكن بحذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ، فإن القدرة لا تعاين ولكن هذا الطريق غير مرضي عندنا فإنهم يقصدون بهذا الفرق الإشارة إلى مذهبهم أن صفات الفعل غير الله تعالى ، والمذهب عندنا أن صفات الله لا هو ولا غيره فلا يستقيم الفرق بين صفات الذات وصفات الفعل في حكم اليمين ، ومنهم من يعلل فيقول رحمة الله تعالى الجنة . قال الله تعالى { ففي رحمة الله هم فيها خالدون } ، وإذا كانت الرحمة بمعنى الجنة ، فالسخط والغضب بمعنى النار ، فيكون حلفا بغير الله تعالى وهذا غير مرضي أيضا ; لأن الرحمة والغضب عندنا من صفات الله تعالى والأصح أن يقول الأيمان مبنية على العرف والعادة فما تعارف الناس الحلف به يكون يمينا ، وما لم يتعارف ، الحلف به لا يكون يمينا ، والحلف بقدرة الله تعالى وكبريائه وعظمته متعارف فيما بين الناس ، وبرحمته وبغضبه غير متعارف ، فلهذا لم يجعل قوله : وعلم الله يمينا ، ولهذا قال رحمه الله تعالى في محمد : أنه يمين ثم سئل عن معناه ، فقال لا أدري فكأنه قال : وجد قوله : وأمانة الله العرب يحلفون بأمانة الله عادة فجعله يمينا . وذكر الطحطاوي أن قوله : وأمانة الله لا يكون يمينا ; لأنه عبادة من العبادات والطاعات ولكن أمر الله تعالى بها وهي غير الله تعالى وجه رواية الأصل أنه يتعذر الإشارة إلى شيء بعينه على الخصوص أنه أمانة الله ، والحلف به متعارف ، وعلمنا أنهم يريدون به الصفة ، فكأنه قال : والله الأمين فإن قال ، ووجه الله روي عن أبي يوسف رحمهما الله تعالى أنه يمين ; لأن الوجه يذكر بمعنى الذات . قال الله تعالى { ومحمد : ويبقى وجه ربك } . قال الحسن : هو هو ، وعلى قول رحمه الله لا يكون يمينا . قال أبي حنيفة أبو شجاع رحمه الله تعالى في حكايته عن رحمه الله تعالى : هو من أيمان السفلة يعني الجهلة الذين يذكرونه بمعنى الجارحة ، وهذا دليل على أنه لم يجعل يمينا . أبي حنيفة