وإن لم يكن له أن ينقض الإجارة ; لأنه لا ضرر عليه فوق ما التزمه بالعقد فإنه يتمكن من أن يكتري منزلا آخر أو يشتري ، وكذلك إن أراد التحول من المصر ; لأنه لا يخرج المنزل مع نفسه فلا يلحقه ضرر فوق ما التزمه بالعقد وهو ترك المنزل في يد المستأجر إلى هذه المدة ، وإن كان هذا بيتا في السوق يبيع فيه ويشتري فلحق المستأجر دين ، أو أفلس فقام من السوق فهذا عذر وله أن ينقض الإجارة ; لأنه استأجره للانتفاع وهو يتضرر بإيفاء العقد بعد ما ترك تلك التجارة ، أو أفلس ضررا لم يلزمه بنفس العقد ، وكذلك إذا أراد التحول من بلد إلى بلد ; لأنه لو لزمه الامتناع من السفر تضرر به ضررا لم يلتزمه بالعقد ، وبعد خروجه لا يتمكن من الانتفاع بالبيت فإن قال رب البيت إنه يتعلل ولا يريد الخروج حلف القاضي المستأجر على ذلك ; لأن الظاهر شاهد له فالظاهر أنه لا يترك ما كان عزم عليه من التجارة في الحانوت إلا إذا أراد [ ص: 4 ] التحول من بلد إلى بلد فالقول قوله مع يمينه . انهدم منزل المؤاجر ولم يكن له منزل آخر فأراد أن يسكنه
وقيل بحكم القاضي حاله في ذلك فإن رآه قد استعد للسفر قبل قوله قال الله تعالى { ، ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة } وقيل يقول له مع من يخرج فالإنسان لا يسافر إلا مع رفقة ، ثم يسأل رفقاءه عن ذلك ، وإن فسخ العقد وخرج الرجل ، ثم رجع وقال قد بدا لي في ذلك وخاصمه صاحب البيت فإن القاضي يحلف المستأجر بالله إنه كان في خروجه قاصدا للسفر ; لأن رب البيت يدعي بطلان الفسخ لعدم العذر ، وذلك ينبني ، وما في ضميره في ضمير المستأجر لا يعلمه غيره فكان القول قوله مع يمينه .
وكذلك إن أراد التحول من تلك التجارة إلى تجارة أخرى فهذا عذر ; لأن في إيفاء العقد ضررا لم يلتزمه بالعقد ، وقد تروج نوع التجارة في وقت وتبور في وقت آخر ، وإن لم يكن هذا ، ولكن وجد بيتا هو أرخص منه لم يكن عذرا ، وكذلك لو اشترى منزلا وأراد التحول إليه ; لأنه لا يلحقه ضرر إلا ما التزمه بالعقد وهو التزام الأجر عند استيفاء المنفعة ، وإنما يقصد بالفسخ هنا الربح لا دفع الضرر .