الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإن استأجر دابة بعينها إلى بغداد فبدا للمستأجر أن لا يخرج فهذا عذر ; لأن عليه ضررا في إيفاء العقد وهو تحمل مشقة السفر . وقال ابن عباس رضي الله عنهما لولا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم { السفر قطعة من العذاب } لقلت العذاب قطعة من السفر ، ولو قال رب الدابة أنه يتعلل فالسبيل للقاضي أن يقول له اصبر فإن خرج فقاد الدابة معه ; لأن المعقود عليه خطوات الدابة . فإذا قادها معه فقد تمكن من استيفاء المعقود عليه فيلزمه الأجر ، وإن لم يركب ، وكذلك لو أراد الخروج في طلب غريم له ، أو عبد آبق فرجع ، وكذلك لو مرض ، أو لزمه غرم ، أو خاف أمرا ، أو عثرت الدابة ، أو أصابها شيء لا يستطاع الركوب معه فبعض هذا عيب في المعقود عليه وبعضه عذر للمستأجر في التخلف عن الخروج ولا فائدة للمؤاجر في إيفاء العقد إذا لم يخرج المستأجر .

وإن عرض لصاحب الدابة مرض لا يستطيع الشخوص مع دابته لم يكن له أن ينقض الإجارة ; لأن بامتناعه من الخروج لا يتعذر تسليم المعقود عليه فيؤمر بتسليم الدابة ، وأنه يرسل معه رسولا يتبع الدابة .

وكذلك لو حبسه غريمه وروى بشر عن أبي يوسف رحمهما الله قال إذا امتنع رب الدابة من الخروج فيكون هذا عذرا ، وإن مرض فهو عذر له ; لأنه يقول غيري لا يشفق على دابتي ولا يقوم بتعاهدها كقيامي . فإذا تعذر عليه الخروج لمرض يلحقه في إيفاء العقد ضرر لم يلتزمه بالعقد .

التالي السابق


الخدمات العلمية