الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا شهد شاهدان على رجل أنه باع عبده هذا بألف درهم وهو يساوي ألفين على أن البائع بالخيار ثلاثة أيام فقضى القاضي بذلك ، ثم مضت الثلاثة فوجب البيع ، ثم رجعا عن شهادتهما ضمنا فضل ما بين القيمة والثمن ; لأنهما أتلفاه بشهادتهما بغير عوض ( فإن قيل ) لا كذلك فالبيع بشرط خيار البائع لا يزيل ملكه عن المبيع ، وقد كان متمكنا من دفع الضرر عن نفسه بفسخ البيع في المدة . فإذا لم يفعل كان راضيا بهذا البيع فينبغي أن لا يضمن الشاهدان شيئا ( قلنا ) زوال الملك ، وإن كان يتأخر إلى سقوط الخيار فالسبب هو البيع المشهود به ; ولهذا استحق المشتري المبيع بزوائده فكان الإتلاف حاصلا بشهادتهم والبائع كان منكرا لأصل البيع فمع إنكاره لا يمكن أن يتصرف بحكم الخيار ; لأنه إذا تصرف بحكم الخيار يصير مقرا بالبيع ويتبين للناس كذبه والعاقل يتحرز عن ذلك بجهده ; فلهذا لا يعتبر تمكنه من الفسخ في إسقاط الضمان عن الشهود ، ولو أوجب البيع في الثلاثة لم يضمن له الشاهدان شيئا ; لأنه صار مقرا بالبيع مزيلا ملكه باختياره فلا يكون الشاهد متلفا عليه بشهادته ، وكذلك لو كان شرط الخيار للمشتري وهو منكر للشراء ، وفي قيمة العبد نقصان عن الثمن فإن سكت المشتري حتى مضت المدة ضمن المشهود له النقصان عند الرجوع ، وإن اختار البيع قبل الثلاثة لم يضمنا له شيئا لما بينا في جانب البيع .

التالي السابق


الخدمات العلمية