باب غرم السارق بعد القطع 
قال  أبو حنيفة   وأبو يوسف   وزفر   ومحمد   والثوري   وابن شبرمة   : " إذا قطع السارق فإن كانت السرقة قائمة بعينها أخذها المسروق منه ، وإن كانت مستهلكة فلا ضمان عليه " ، وهو قول  مكحول   وعطاء   والشعبي   وابن شبرمة  وأحد قولي  إبراهيم النخعي   . وقال  مالك   : " يضمنها إن كان موسرا ولا شيء عليه إن كان معسرا " . وقال  عثمان البتي   والليث   والشافعي   : " يغرم السرقة وإن كانت هالكة " وهو قول  الحسن   والزهري  وحماد  وأحد قولي إبراهيم   . قال  أبو بكر   : أما إذا كانت قائمة بعينها فلا خلاف أن صاحبها يأخذها ؛ وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع سارق رداء صفوان  ورد الرداء على صفوان   . والذي يدل على نفي الضمان بعد القطع  قوله تعالى : فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله  والجزاء اسم لما يستحق بالفعل ؛ فإذا كان الله تعالى جعل جميع ما يستحق بالفعل هو القطع ، لم يجز إيجاب الضمان  [ ص: 84 ] معه لما فيه من الزيادة في حكم المنصوص ، ولا يجوز ذلك إلا بمثل ما يجوز به النسخ ، وكذلك قوله تعالى : إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله  فأخبر أن جميع الجزاء هو المذكور في الآية ؛ لأن قوله تعالى : إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله  ينفي أن يكون هناك جزاء غيره . ومن جهة السنة حديث  عبد الله بن صالح  قال : حدثني المفضل بن فضالة  عن  يونس بن يزيد  قال : سمعت  سعد بن إبراهيم  يحدث عن أخيه المسور بن إبراهيم  عن  عبد الرحمن بن عوف  عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا أقمتم على السارق الحد فلا غرم عليه  . 
وحدثنا  عبد الباقي بن قانع  قال : حدثنا محمد بن نصر بن صهيب  قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شجاع الآدمي  قال : حدثني  خالد بن خداش  قال : حدثني إسحاق بن الفرات  قال : حدثنا الفضل بن فضالة  عن يونس  عن  الزهري  عن  سعد بن إبراهيم  عن المسور بن إبراهيم  عن  عبد الرحمن بن عوف   : أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بسارق ، فأمر بقطعه وقال : لا غرم عليه  . وقال  عبد الباقي   : هذا هو الصحيح ؛ وأخطأ فيه  خالد بن خداش  ، فقال  المسور بن مخرمة   . ويدل عليه من جهة النظر امتناع وجوب الحد والمال بفعل واحد ، كما لا يجتمع الحد والمهر والقود والمال ، فوجب أن يكون وجوب القطع نافيا لضمان المال ؛ إذ كان المال في الحدود لا يجب إلا مع الشبهة ، وحصول الشبهة ينفي وجوب القطع . ووجه آخر : وهو أن من أصلنا أن الضمان سبب لإيجاب الملك فلو ضمناه لملكه بالأخذ الموجب للضمان فيكون حينئذ مقطوعا في ملك نفسه وذلك ممتنع ، فلما لم يكن لنا سبيل إلى رفع القطع وكان في إيجاب الضمان إسقاط القطع ، امتنع وجوب الضمان 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					