الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى : إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم أطلق الشرى فيها على طريق المجاز ؛ لأن المشتري في الحقيقة هو الذي يشتري ما لا يملك والله تعالى مالك أنفسنا وأموالنا ، ولكنه كقوله تعالى : من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فسماه شرى كما سمى الصدقة قرضا لضمان الثواب فيها به ، فأجرى لفظه مجرى ما لا يملكه المعامل فيه استدعاء إليه وترغيبا فيه .

قوله تعالى : السائحون قيل : إنهم الصائمون روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : سياحة أمتي الصوم وروي عن عبد الله بن مسعود وابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد أنه الصوم

وقوله تعالى : والحافظون لحدود الله هو أتم ما يكون من المبالغة في الوصف بطاعة الله ، والقيام بأوامره والانتهاء عن زواجره ؛ وذلك لأن لله تعالى حدودا في أوامره وزواجره وما ندب إليه ورغب فيه ، أو أباحه وما خير فيه وما هو الأولى في تحري موافقة أمر الله ، وكل هذه حدود الله ، فوصف تعالى هؤلاء القوم بهذا الوصف ، [ ص: 369 ] ومن كان كذلك فقد أدى جميع فرائضه وقام بسائر ما أراده منه ، وقد بين في الآية التي قبلها المرادين بها ، وهم الصحابة الذين بايعوه تحت الشجرة وهي بيعة الرضوان ، بقوله تعالى : فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به ثم عطف عليه : التائبون فقد بينت هذه الآية منزلة هؤلاء رضي الله عنهم من الدين ، والإسلام ومحلهم عند الله تعالى . ولا يجوز أن يكون في وصف العبيد بالقيام بطاعة الله كلام أبلغ ولا أفخم من قوله تعالى : والحافظون لحدود الله

التالي السابق


الخدمات العلمية