قوله تعالى : ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام فيه أوضح الدلالة على النصارى [ ص: 108 ] في أن المسيح إله ؛ لأن من احتاج إلى الطعام فسبيله سبيل سائر العباد في الحاجة إلى الصانع المدبر ؛ إذ كان من فيه سمة الحدث لا يكون قديما ، ومن يحتاج إلى غيره لا يكون قادرا لا يعجزه شيء . وقد قيل في معنى قوله : بطلان قول كانا يأكلان الطعام إنه كناية عن الحدث ؛ لأن كل من يأكل الطعام فهو محتاج إلى الحدث لا محالة .
وهذا وإن كان كذلك في العادة فإن الحاجة إلى الطعام والشراب وما يحتاج المحتاج إليهما من الجوع والعطش ظاهر الدلالة على حدث المحتاج إليهما وعلى أن الحوادث تتعاقب عليه ، وأن ذلك ينفي كونه إلها وقديما . قوله تعالى : لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم قال الحسن ومجاهد والسدي : " لعنوا على لسان وقتادة داود فصاروا قردة وعلى لسان عيسى فصاروا خنازير " . وقيل : إن فائدة لعنهم على لسان الأنبياء إعلامهم الإياس من المغفرة مع الإقامة على الكفر والمعاصي ؛ لأن . وقيل : إنما ظهر لعنهم على لسان الأنبياء لئلا يوهموا الناس أن لهم منزلة بولادة الأنبياء تنجيهم من عقاب المعاصي . دعاء الأنبياء عليهم السلام باللعن والعقوبة مستجاب