قوله تعالى : ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا قال ابن عباس وجابر والبراء بن عازب وأنس بن مالك والحسن ومجاهد وقتادة : ( لما حرم الخمر كان قد مات رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يشربون الخمر قبل أن تحرم ، فقالت الصحابة : والضحاك ؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية ) . وروي عن كيف بمن مات منا وهم يشربونها عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي : أن قوما شربوا علي بالشام وقالوا هي لنا حلال وتأولوا هذه الآية ، فأجمع عمر على أن يستتابوا فإن تابوا وإلا قتلوا . وعلي
وروى قال : أخبرني الزهري عبد الله بن عامر بن ربيعة ، أن الجارود سيد بني عبد القيس شهدا على وأبا هريرة أنه شرب الخمر وأراد قدامة بن مظعون أن يجلده ، فقال عمر قدامة : ليس لك ذلك لأن الله تعالى يقول : ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح الآية فقال : إنك قد أخطأت التأويل يا عمر قدامة ، إذا اتقيت اجتنبت ما حرم الله تعالى عليك فلم يحكموا على قدامة بحكمهم [ ص: 129 ] على الذين شربوها بالشام ، ولم يكن حكمه حكمهم ؛ لأن أولئك شربوها مستحلين لها ، كافر ، فلذلك استتابوهم . ومستحل ما حرم الله
وأما فلم يشربها مستحلا لشربها ، وإنما تأول الآية على أن الحال التي هو عليها ووجود الصفة التي ذكر الله تعالى في الآية فيه مكفرة لذنوبه ، وهو قوله تعالى : قدامة بن مظعون ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين فكان عنده أنه من أهل هذه الآية وأنه لا يستحق العقوبة على شربها مع اعتقاده لتحريمها ولتكفير إحسانه إساءته . وأعاد ذكر الاتقاء في الآية ثلاث مرات والمراد بكل واحد منها غير المراد بالأخرى ، فأما الأول : فمن اتقى فيما سلف ، والثاني : الاتقاء منهم في مستقبل الأوقات ، والثالث : اتقاء ظلم العباد والإحسان إليهم .