واختلف في فقال أصحابنا : { ما غنمه فهو له خاصة ولا خمس فيه حتى تكون لهم منعة } . ولم يحد الرجل يدخل دار الحرب وحده مغيرا بغير إذن الإمام محمد في المنعة شيئا . وقال : { إذا كانوا تسعة ففيه الخمس } . وقال أبو يوسف الثوري : { يخمس ما أخذه والباقي له } . وقال والشافعي : { إن شاء الإمام عاقبه وحرمه وإن شاء خمس ما أصاب والباقي له } . الأوزاعي
قال : قوله تعالى أبو بكر واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه يقتضي أن يكون الغانمون جماعة ؛ لأن حصول الغنيمة منهم شرط في الاستحقاق ، وليس ذلك بمنزلة قوله تعالى : فاقتلوا المشركين و قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر في لزوم ؛ لأن ذلك أمر بقتل الجماعة والأمر بقتل الجماعة لا يوجب اعتبار الجميع ؛ إذ ليس فيه شرط ، وقوله تعالى : قتل الواحد على حياله وإن لم يكن معه جماعة إذا كان مشتركا واعلموا أنما غنمتم فيه معنى الشرط ، وهو حصول الغنيمة لهم وبقتالهم ، فهو كقول القائل : إن كلمت هؤلاء الجماعة فعبدي حر ، أن شرط الحنث وجود الكلام للجماعة ولا يحنث بكلام بعضها . وأيضا لما اتفق الجميع على أن الجيش إذا غنموا لم يشاركهم سائر المسلمين في الأربعة الأخماس لأنهم لم يشهدوا القتال ولم تكن منهم حيازة الغنيمة وجب أن يكون هذا المغير وحده استحق ما غنمه ، وأما الخمس فإنما يستحق من الغنيمة التي حصلت بظهر المسلمين ونصرتهم وهو أن يكونوا فئة للغانمين فقد تبرأ من نصرة الإمام لأنه عاص له داخل بغير أمره فوجب أن لا يستحق منه الخمس ؛ ولذلك قال أصحابنا في ، ومن دخل دار الحرب وحده مغيرا لما كان الموضع مظهورا عليه بالإسلام وجب فيه الخمس ولو وجده في دار الحرب لم يجب فيه الخمس . الركاز الموجود في دار الإسلام :
وإذا دخل الرجل وحده بإذن الإمام خمس ما غنم ؛ لأنه لما أذن له في الدخول فقد تضمن نصرته وحياطته ، والإمام قائم مقام جماعة المسلمين في ذلك فاستحق لهم الخمس .
وأما إذا كان المغيرون بغير إذن الإمام جماعة لهم منعة فإنه يجب فيه الخمس بقوله تعالى : واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه فهم في هذه الحال بمنزلة السرية والجيش ، لحصول المنعة لهم ولتوجه الخطاب إليهم بإخراج الخمس من غنائمهم .