قوله تعالى : اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم قيل : إن الحبر العالم الذي صناعته تحبير المعاني بحسن البيان عنها ، يقال فيه حبر وحبير ؛ والراهب الخاشي الذي يظهر عليه لباس الخشية ، يقال راهب ورهبان ، وقد صار مستعملا في متنسكي النصارى . وقوله : أربابا من دون الله قيل : فيه وجهان :
أحدهما : أنهم كانوا إذا حرموا عليهم شيئا حرموه ، وإذا أحلوا لهم شيئا استحلوه ، وروي في حديث لما أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال : عدي بن حاتم اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله قال : قلت يا رسول الله إنهم لم يكونوا يعبدونهم قال : أليس ؟ قال : قلت : نعم ، قال : فتلك عبادتهم إياهم . كانوا إذا حرموا عليهم شيئا حرموه ، وإذا أحلوا لهم شيئا أحلوه ولما كان التحليل والتحريم لا يجوز إلا من جهة العالم [ ص: 300 ] بالمصالح ثم قلدوا أحبارهم هؤلاء أحبارهم ورهبانهم في التحليل والتحريم ، وقبلوه منهم ، وتركوا أمر الله تعالى فيما حرم وحلل ، صاروا متخذين لهم أربابا ، إذ نزلوهم في قبول ذلك منهم منزلة الأرباب . وقيل : إن معناه أنهم عظموهم كتعظيم الرب ؛ لأنهم يسجدون لهم إذا رأوهم ، وهذا الضرب من التعظيم لا يستحقه غير الله تعالى ، فلما فعلوا ذلك فهم كانوا متخذين لهم أربابا . فتلا النبي صلى الله عليه وسلم :