فإن قيل : هل يجوز ؟ قيل له : إن كل أحد من المجاهدين فإنما يقوم بفرض نفسه ، فجائز له أن يجاهد الكفار ، وإن كان أمير الجيش وجنوده فاسقا ، وقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يغزون بعد الخلفاء الأربعة مع الأمراء الفساق ، ، وغزا الجهاد مع الفساق مع أبو أيوب الأنصاري يزيد اللعين ، وقد ذكرنا حديث أبي أيوب أنه لم يتخلف عن غزاة للمسلمين إلا عاما واحدا فإنه استعمل على الجيش رجل شاب ثم قال بعد ذلك : وما علي من استعمل علي ؟ فكان يقول : قال الله تعالى : انفروا خفافا وثقالا فلا أجدني إلا خفيفا أو ثقيلا فدل على أن الجهاد واجب مع الفساق كوجوبه مع العدول ، وسائر الآي الموجبة لفرض الجهاد لم يفرق بين فعله مع الفساق ومع العدول الصالحين ، وأيضا فإن الفساق إذا جاهدوا فهم مطيعون في ذلك كما هم مطيعون لله في الصلاة والصيام وغير ذلك من شرائع الإسلام ، وأيضا فإن الجهاد ضرب من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولو رأينا فاسقا يأمر بمعروف وينهى عن منكر كان علينا معاونته على ذلك ، فكذلك الجهاد ، فالله تعالى لم يخص بفرض الجهاد العدول دون الفساق ، فإذا كان الفرض عليهم واحدا لم يختلف حكم الجهاد مع العدول ، ومع الفساق