الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فإن قيل : هل يجوز الجهاد مع الفساق ؟ قيل له : إن كل أحد من المجاهدين فإنما يقوم بفرض نفسه ، فجائز له أن يجاهد الكفار ، وإن كان أمير الجيش وجنوده فاسقا ، وقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يغزون بعد الخلفاء الأربعة مع الأمراء الفساق ، ، وغزا أبو أيوب الأنصاري مع يزيد اللعين ، وقد ذكرنا حديث أبي أيوب أنه لم يتخلف عن غزاة للمسلمين إلا عاما واحدا فإنه استعمل على الجيش رجل شاب ثم قال بعد ذلك : وما علي من استعمل علي ؟ فكان يقول : قال الله تعالى : انفروا خفافا وثقالا فلا أجدني إلا خفيفا أو ثقيلا فدل على أن الجهاد واجب مع الفساق كوجوبه مع العدول ، وسائر الآي الموجبة لفرض الجهاد لم يفرق بين فعله مع الفساق ومع العدول الصالحين ، وأيضا فإن الفساق إذا جاهدوا فهم مطيعون في ذلك كما هم مطيعون لله في الصلاة والصيام وغير ذلك من شرائع الإسلام ، وأيضا فإن الجهاد ضرب من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولو رأينا فاسقا يأمر بمعروف وينهى عن منكر كان علينا معاونته على ذلك ، فكذلك الجهاد ، فالله تعالى لم يخص بفرض الجهاد العدول دون الفساق ، فإذا كان الفرض عليهم واحدا لم يختلف حكم الجهاد مع العدول ، ومع الفساق

التالي السابق


الخدمات العلمية