الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى : والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا الآية روي عن جماعة من السلف أنهم كانوا اثني عشر رجلا من الأوس ، والخزرج قد سموا استأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم في بناء مسجد لليلة الشاتية ، والمطر ، والحر ، ولم يكن ذلك قصدهم ، وإنما كان مرادهم التفريق بين المؤمنين وأن يتحزبوا فيصلي حزب في مسجد وحزب في مسجد آخر لتختلف الكلمة وتبطل الألفة ، والحال الجامعة ، وأرادوا به أيضا ليكفروا فيه بالطعن على النبي صلى الله عليه وسلم والإسلام ، فيتفاوضون فيما بينهم من غير خوف من المسلمين ؛ لأنهم كانوا يخلون فيه فلا يخالطهم فيه غيرهم .

قوله تعالى : وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل قال ابن عباس ومجاهد : أراد به أبا عامر الفاسق ، وكان يقال له أبو عامر الراهب قبل ؛ وكان شديد العداوة للنبي صلى الله عليه وسلم عنادا وحسدا لذهاب رياسته التي كانت في الأوس قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، فقال للمنافقين : سيأتي قيصر وآتيكم بجند فأخرج به محمدا وأصحابه فبنوا المسجد إرصادا له ، يعني مترقبين له ، وقد دلت هذه الآية على ترتيب الفعل في الحسن ، أو القبح بالإرادة ، وأن الإرادة هي التي تعلق الفعل بالمعاني التي تدعو الحكمة إلى تعليقه به ، أو تزجر عنها ؛ لأنهم لو أرادوا ببنائه إقامة الصلوات فيه لكان طاعة لله عز وجل ، ولما أرادوا به ما أخبر الله تعالى به عنهم من قصدهم وإرادتهم كانوا مذمومين كفارا .

التالي السابق


الخدمات العلمية